الصين تفتح أبوابها: “فيزا K” فرصة جديدة للشباب حاملي الشواهد

حسين العياشي

ابتداءً من فاتح أكتوبر، تدخل الصين مرحلة جديدة في سياستها لجذب الكفاءات الدولية بإطلاقها “الفيزا K”، وهو نظام إقامة غير مسبوق يتيح للشباب الأجانب من حاملي الشهادات الجامعية فرصة الاستقرار في البلاد دون الحاجة إلى عقد عمل مسبق. خطوة تعكس رغبة بكين في تعزيز جاذبيتها على خريطة التنافس العالمي لاستقطاب العقول المبدعة.

على عكس التأشيرات التقليدية التي تشترط وجود عرض عمل من شركة محلية، يمنح “الفيزا K” لحامليه حرية أوسع: يمكنهم البحث عن وظيفة بعد الوصول إلى الصين، استكشاف آفاق مهنية في قطاعات متعددة، أو حتى خوض مغامرة إنشاء مشروع ريادي خاص بهم. هذه المرونة تعكس إدراك السلطات الصينية لتحولات سوق الشغل وازدياد الطلب العالمي على المواهب الشابة المتعددة التخصصات.

تأتي هذه المبادرة في سياق سباق محموم بين القوى الاقتصادية الكبرى لاستقطاب الخريجين الجدد، حيث تتنافس وجهات مثل الولايات المتحدة وكندا وأوروبا على تقديم تسهيلات وإغراءات متنوعة. وبإطلاق “الفيزا K”، تراهن بكين على إعادة تشكيل صورتها كوجهة واعدة، لا فقط للإنتاج والتصنيع، بل أيضًا للابتكار والبحث وريادة الأعمال.

يرى مراقبون أن هذه الخطوة تتجاوز بعدها الإداري إلى بعد استراتيجي أعمق: فهي رسالة واضحة بأن الصين لم تعد تكتفي بجذب الاستثمارات أو التكنولوجيا فحسب، بل تسعى أيضًا إلى استقطاب العقول التي يمكن أن تغذي دينامية اقتصادها وتواكب تحدياته المستقبلية.

مع ذلك، يبقى نجاح “الفيزا K” رهينًا بقدرة الصين على توفير بيئة مهنية جذابة ومناخ اجتماعي وثقافي يساعد الشباب الأجانب على الاندماج. فالتجربة ستكون محكًا حقيقيًا لاختبار مدى فعالية هذه السياسة، خاصة في ظل التحديات المرتبطة بالمنافسة العالمية على المواهب.

بهذا القرار، تفتح الصين أبوابها أمام جيل جديد من الكفاءات الأجنبية، واضعة نفسها في مصاف الوجهات الأكثر جرأة في إعادة رسم معايير الهجرة المهنية. وبين طموح بكين لجعل “الفيزا K” أداة قوة ناعمة وبين واقع سوق العمل شديد التنافسية، سيبقى السؤال مطروحًا: هل تنجح الصين في كسب رهان استقطاب العقول كما نجحت من قبل في جذب رؤوس الأموال؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى