الكحول المهرّبة.. خطر يهدد المستهلكين ويكبّد الخزينة خسائر بالملايين

حسين العياشي
تخوض إدارة الجمارك المغربية واحدة من أوسع عملياتها الأمنية في السنوات الأخيرة، في مسعى لتفكيك شبكة إجرامية منظمة يُشتبه في تورطها بتزوير وتهريب مشروبات كحولية من علامات عالمية فاخرة، كانت تستهدف إغراق الأسواق في كبريات المدن السياحية بالمملكة.
تتركز التحقيقات التي تشرف عليها الفرقة الوطنية للجمارك على مدن الدار البيضاء ومراكش وطنجة، حيث يُعتقد أن هذه الشبكة كانت تموّن عدداً من النوادي الليلية والزبائن الخواص عبر مسالك توزيع موازية للسوق القانونية. ووفق ما نقلته مصادر إعلامية، كانت تلك الزجاجات تحمل طوابع ضريبية مزيّفة وتُعرض على أنها منتجات أصلية مستوردة، لكنها تُباع بأسعار تقل بنحو 30% عن قيمتها الحقيقية، ما جعلها تجذب المشترين وتُربك السوق النظامية.
ومع تعمّق التحقيق، تمكّن المحققون من تتبع مسار التهريب الذي يبدأ من الموانئ الموريتانية، قبل أن تُهرّب الشحنات إلى داخل التراب المغربي. وهناك، تُخزَّن الكميات في مستودعات سرية تتخذ شكل مزارع أو فيلات أو شقق في ضواحي المدن، حيث يُعاد تعبئتها وتغليفها قبل توزيعها في السوق المحلية.
العملية التي تقودها الفرقة الوطنية للجمارك تتم بتنسيق وثيق مع الأجهزة الأمنية، مستفيدة من صلاحيات التفتيش الوطنية ومن وسائل تقنية متطورة، منها الطائرات المسيّرة (الدرون) التي تُستخدم لمراقبة الطرق الوعرة التي يسلكها المهرّبون. ويجري في الوقت الراهن تحديد مواقع المستودعات تمهيداً لتنفيذ مداهمات واعتقالات وبدء المتابعات القضائية.
وتكشف المعطيات المالية حجم الكارثة الاقتصادية المرتبطة بهذا الملف، إذ يُقدّر رقم معاملات الشبكة بأكثر من 165 مليون درهم، وهي خسائر ضريبية فادحة تمسّ خزينة الدولة، التي تراهن على تحصيل نحو 3,4 مليارات درهم من الضرائب على الكحول بحلول عام 2026. غير أن الخسارة لا تقتصر على الجانب المالي فحسب، فالمشروبات المزوّرة، التي تفلت من أي رقابة صحية رسمية، تُعدّ خطراً مباشراً على سلامة المستهلكين، وقد تتسبب في حوادث تسمم قاتلة.
وفي انتظار اكتمال التحقيق، تستعد السلطات لتنفيذ حملة مداهمات واسعة في نقاط التوزيع التي تم تحديدها، مع توقّع فرض غرامات جمركية ضخمة ومتابعات قضائية ضد كل من تورط في هذا النشاط الإجرامي المنظّم، الذي يكشف مرة أخرى عن حجم الرهان الذي تخوضه الجمارك المغربية في مواجهة شبكات التهريب المتطورة التي تهدد الاقتصاد والأمن العام على حد سواء.





