المراعي المغلقة.. سيدي إفني على صفيح ساخن بعد شروع شركة في تسييج الجبال

حسين العياشي
شرعت إحدى الشركات في تسييج مساحات شاسعة من جبال آيت علي بجماعة إمي نفاست بإقليم سيدي إفني، بدعوى تنفيذ صفقة مبرمة مع إدارة المياه والغابات. هذا التحرك المفاجئ أعاد إلى الواجهة سؤال الحقوق التاريخية لساكنة المنطقة في الانتفاع من مراعيها التقليدية، وما قد يترتب على إغلاقها من اختلالات تمسّ نمط العيش القروي القائم على الرعي وتربية الماشية.
في هذا السياق، وجّه النائب البرلماني جمال سيداتي، عن فريق الأصالة والمعاصرة، سؤالاً كتابياً إلى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أحمد البواري، طالب فيه بتوضيحات وإجراءات عاجلة.
تفاصيل السؤال البرلماني، تفيد بأن السكان تفاجؤوا بوصول فرق عمل شرعت فعلياً في نصب سياج يطوّق فضاءات جبلية ظلّت، على امتداد أجيال، مصدر الرزق الأول للأسر عبر الرعي وتربية الماشية، ولا سيما في ظل موجات الجفاف المتتالية التي تضرب المنطقة منذ سنة 2014. ويخشى الأهالي أن يحوّل التسييج حقهم التاريخي في الانتفاع إلى وضع هشّ يبدّد ما تبقى من مقوّمات العيش، ويُربك توازناً اجتماعياً واقتصادياً قام على استدامة المراعي وحرية الوصول إليها.
في السياق ذاته، حذّر سيداتي من أنّ المضي في هذا المشروع قد يخلّف أضراراً جسيمة على الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، إذ يتعارض، بحسب تعبيره، مع التوجهات الوطنية الرامية إلى تنمية العالم القروي وفكّ العزلة ومحاربة الهشاشة. ومتى أُغلقت المراعي في وجه سكانها، سيجد كثير من الأسر نفسها مضطرة إلى النزوح نحو ضواحي المدن بحثاً عن موارد بديلة، بما يحمله ذلك من أكلاف إنسانية وتنموية إضافية.
وتساءل النائب عن الدوافع الحقيقية الكامنة وراء إجراءات “لا تصبّ في مصلحة المواطن القروي”، داعياً الوزارة إلى كشف الأسس القانونية والتنموية التي استندت إليها عملية التسييج، وتقديم رؤية عملية لحماية حقوق ساكنة إمي نفاست. كما طالب بخارطة حلول تضمن استفادة عادلة ومنصفة من المشاريع العمومية، وتوازن بين مقتضيات صون الموارد الطبيعية ومتطلبات العيش الكريم للسكان المحليين.
في المحصّلة، تجد جماعة إمي نفاست نفسها عند مفترق حاسم بين مقتضيات حماية المجال الطبيعي وحق السكان في مورد رزقهم التاريخي. وما بين سياج يُقام باسم التدبير المستدام ومراعي تنتظر جرعة أمل، تبدو الحاجة ملحّة إلى شفافية كاملة في المعطيات، وحوار مسؤول يضمّ الوزارة والمؤسسة المتعاقدة وممثلي الساكنة.





