المغرب يعزز حضوره الأممي بمقعد جديد في لجنة محاربة التعذيب

حسين العياشي
فاز المغرب بعضوية لجنة مناهضة “التعذيب” التابعة للأمم المتحدة للفترة 2026-2029. وقد جاء انتخاب المرشح المغربي عبد الرزاق رُوان، الذي يشغل منصب سفير المملكة لدى بولونيا، خلال الاجتماع العشرين للدول الأطراف في اتفاقية مناهضة التعذيب الذي انعقد الأربعاء بجنيف بمشاركة 166 دولة.
اللافت أن رُوان حصد 119 صوتًا منذ الجولة الأولى، وهو ما يعكس ثقة المجتمع الدولي في المقاربة المغربية بمجال حقوق الإنسان، ويؤكد حضور المملكة كفاعل جاد وذي مصداقية في منظومة الأمم المتحدة.
اعتبرت البعثة الدائمة للمغرب لدى الأمم المتحدة بجنيف هذا الفوز اعترافًا بجهود المملكة تحت القيادة الملكية، حيث راهن المغرب خلال العقدين الأخيرين على إصلاحات مؤسساتية وهيكلية عززت مكانة حقوق الإنسان في السياسات العمومية.
ويتجسد ذلك في تعزيز استقلالية المجلس الوطني لحقوق الإنسان، توسيع اختصاصات الوسيط، إلى جانب الانخراط الطوعي في آليات الاستعراض الدوري الشامل، وتقديم تقارير دورية أمام اللجان الأممية المختصة.
كما حرص المغرب على ملاءمة ترسانته القانونية مع الاتفاقيات الدولية، خاصة في مجال تجريم التعذيب وضمان الحق في المحاكمة العادلة، وهو ما مكنه من تعزيز رصيده في الهيئات الحقوقية متعددة الأطراف.
الانتخاب السلس لمرشح المغرب في جنيف، ليس معزولًا عن دينامية دبلوماسية نشطة، تزاوج بين التحرك السياسي والإصلاحات الداخلية. فقد عملت الدبلوماسية المغربية على تقديم صورة متجددة للبلاد كـ”جسر بين الشمال والجنوب”، قادر على المساهمة في تطوير عمل الهيئات الأممية.
وتأتي هذه النتيجة، لتكمل سلسلة من النجاحات المغربية داخل المنتظم الدولي، سواء عبر رئاسة لجان أممية أو احتضان مؤتمرات دولية كبرى حول حقوق الإنسان والهجرة والمناخ، مما يعزز مكانة المملكة كمرجع في قضايا متعددة.
تفتح هذه العضوية أمام المغرب فرصة لمزيد من المساهمة في النقاشات الدولية حول الوقاية من التعذيب وتعزيز آليات المساءلة، كما تمنحه منصة لتقاسم تجاربه في بناء مؤسسات وطنية تعزز الحكامة الحقوقية. وفي الوقت ذاته، تضع على عاتق المملكة مسؤولية الاستمرار في تكريس الممارسات الفضلى داخليًا بما يواكب التزاماتها الدولية.
بهذا الإنجاز، يواصل المغرب ترسيخ موقعه كفاعل أساسي في الساحة الحقوقية العالمية، مؤكدًا أن رهانه على الدبلوماسية متعددة الأطراف والإصلاحات الوطنية بدأ يعطي ثماره، ويعزز إشعاعه كدولة اختارت أن تجعل من احترام الكرامة الإنسانية ركيزة لاستراتيجيتها في الداخل والخارج.