المنظمة الديمقراطية للتعليم: وضع المدرّس في قلب السياسات التعليمية ضرورة وطنية

حسين العياشي

أكدت المنظمة الديمقراطية للتعليم، بمناسبة اليوم العالمي للمعلم، أن تكريم المدرس لا يقتصر على يوم رمزي، بل يجب أن يتحول إلى سياسة عمومية دائمة تعيد الاعتبار للمدرسة العمومية معًا. ويأتي هذا التأكيد في سياق إدراك المنظمة للدور المركزي الذي يلعبه المدرّس في بناء العقول وصناعة المستقبل، وتحقيق تعليم جيد ومنصف لجميع المتعلمين، بما يتماشى مع الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة.

المنظمة تعتبر أن المدرّس يمثل حجر الزاوية لأي إصلاح تعليمي حقيقي، إذ لا يمكن لأي تحديث للمنظومة أن ينجح دون إشراك أسرة التربية والتعليم في صياغة السياسات وتنزيلها على جميع المستويات التعليمية، بدءًا من التعليم الأولي وصولًا إلى التعليم الثانوي والمهني والعالي. ومن هذا المنطلق، شددت المنظمة على ضرورة الاستماع إلى صوت المدرس في معالجة التحديات البنيوية التي تواجه المنظومة التعليمية، لضمان فاعلية الإصلاح واستدامته.

وفي هذا السياق، أكدت أن تحسين ظروف عمل المدرّسين يمثل ركيزة أساسية لتحقيق هذا الهدف. فهؤلاء يحتاجون إلى بيئة تعليمية آمنة ومحفزة، وأجر ومعاش كافٍ يحفظ كرامته، إلى جانب الاستثمار في التكوين الأساسي والتطوير المهني المستمر، بما يتيح لهم مواكبة التحولات الرقمية وتقنيات الذكاء الاصطناعي دون المساس بالبعد الإنساني للتعليم.

ومع ذلك، فإن الواقع التعليمي لا يزال يواجه تحديات جسيمة تعيق تمكين هذه الفئة من أداء رسالته بشكل كامل. فضعف الأجور وتراجع القدرة الشرائية، وهشاشة أنظمة التوظيف وغياب الاستقرار الوظيفي، والاكتظاظ في الفصول الدراسية، بالإضافة إلى ندرة الوسائل البيداغوجية الأساسية، كلها عوامل تزيد من صعوبة ممارسة التعليم بشكل فعال. كما يضاف إلى ذلك تراجع مكانة التكوين المستمر وضعف الحوافز المادية والمعنوية، وتأخر مشاريع تطوير التعليم الأولي والطفولة المبكرة، ما يزيد من الضغط على المدرس ويحد من فاعلية المنظومة.

وبناءً على هذه المعطيات، أكدت المنظمة أن هناك حاجة عاجلة لتنفيذ إصلاحات شاملة تضمن حقوق المدرسين وتحسن وضعهم المادي والاجتماعي. وتشمل المطالب تحسين الأجور والمعاشات، وضمان الترقيات بأثر رجعي، وتوحيد نظام أساسي منصف لجميع الفئات، بالإضافة إلى تحديث المناهج التربوية لمواكبة التطورات العلمية والتكنولوجية، وتوفير بيئة عمل لائقة وتقليص الاكتظاظ، وتجهيز المدارس بالوسائل الضرورية، فضلاً عن توفير السكن ووسائل التنقل في المناطق النائية.

وعلاوة على ذلك، شددت المنظمة على ضرورة ضمان التكوين المستمر والتطوير المهني، وحماية كرامة المدرس واستقلاليته المهنية، والإسراع بتنزيل الاتفاقيات الموقعة، وإلغاء تسقيف سن الولوج إلى أسلاك التعليم، وتنفيذ القانون المتعلق بالتعليم الأولي، وإشراك المنظمة في الحوار الاجتماعي الوطني لضمان العدالة والشفافية.

وفي ختام بيانها، أكدت المنظمة الديمقراطية للتعليم أن الاستثمار في المدرس هو استثمار في مستقبل الوطن والتنمية المستدامة، وأن أي إصلاح تعليمي حقيقي لا يمكن أن يتحقق دون إنقاذ المدرسة العمومية من التهميش وضمان التمويل الكافي لها، وإعادة الاعتبار للمهنة وتوفير بيئة تعليمية عادلة وشاملة لجميع المتعلمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى