انتقادات حادة لأداء وزارة التعليم ومطالب بمراجعة شاملة لمشروع مدارس الريادة

فاطمة الزهراء ايت ناصر

قال النائب البرلماني عبد الرحيم الحشومي، في مستهل جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، إن “الوزارة فشلت في ضمان دخول مدرسي ناجح ينسجم مع الأهداف التي رفعتها في إطار خارطة الطريق 2022-2026، مشيرا إلى أن مشروع مدارس الريادة ما يزال يعاني من اختلالات بنيوية على مستوى التعميم والتجهيز والتأطير، وهو ما يضع، حسب تعبيره، مصداقية الإصلاح التربوي على المحك.

تصريحات الحشومي لم تكن استثناء، إذ التقت معها أصوات نواب من الأغلبية والمعارضة الذين وجهوا انتقادات حادة إلى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة، معتبرين أن الوزارة ترفع شعارات كبيرة دون أن تُترجمها إلى إجراءات ملموسة على أرض الواقع.

النائب خالد حاتمي عن حزب الأصالة والمعاصرة، أقرّ بوجود نية إصلاحية لدى الوزارة، لكنه عبّر عن قلقه العميق من البطء والتردد في تنزيل المشاريع، مؤكدا أن العديد من المؤسسات المصنفة ضمن مدارس الريادة تشتغل بدون تجهيزات رقمية أو مناهج خاصة، مما يفرغ التجربة من مضمونها العملي ويؤدي إلى تفاقم الهدر المدرسي، خصوصا في المناطق الفقيرة. وأضاف أن استمرار الاكتظاظ وغياب العدالة المجالية يفاقمان أزمة الثقة في المدرسة العمومية.

أما النائبة وسيلة الساحلي، عن الفريق الدستوري الديمقراطي الاجتماعي، فقد انتقدت الخطاب الوزاري المتفائل الذي لا يعكس الواقع، معتبرة أن مشروع مدارس الريادة تحول في بعض المناطق إلى نموذج للفوضى وغياب الرؤية.

وأبرزت أن ضعف تكوين الأطر، وانعدام الربط بالإنترنت، وغياب المستلزمات الرقمية، تجعل من المشروع تجربة غير مكتملة ومحدودة الأثر.

وفي السياق ذاته، نبهت النائبة خديجة بوكرن، عن الفريق الاستقلالي، إلى أن التعليم في العالم القروي يعيش أوضاعا مأساوية، إذ لا تزال مدارس كثيرة تفتقر إلى الماء والكهرباء والأسوار الواقية، فضلا عن غياب النقل المدرسي والداخليات ودور الطالبات، مما يؤدي إلى ارتفاع نسب الانقطاع عن الدراسة، خاصة في صفوف الفتيات.

وحذرت من استمرار الاعتماد على البناء المفكك في المؤسسات التعليمية، حتى في ضواحي المدن الكبرى مثل سلا، معتبرة أن ذلك وصمة عار في جبين المنظومة التعليمية.

بوكرن أثارت أيضا غياب أي تصور لإدماج التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة، مؤكدة أن المدرسة العمومية لا تعترف بوجودهم أصلا، في ظل غياب البنية التحتية الملائمة وبرامج الدعم النفسي والطبي. ودعت إلى إنشاء مدارس استدراكية للتلاميذ المنقطعين، معتبرة أن المدرسة يجب أن تكون فضاءً للحماية لا وسيلة للإقصاء.

من جانبه، عبّر النائب نور الدين مضيان، عن الفريق الاستقلالي، عن استيائه من الواقع المزدوج الذي يطبع المنظومة التعليمية، قائلاً إن المغرب يعيش بسرعتين؛ تعليم حضري مجهز ومدعوم، وآخر قروي مهمش يدرّس فيه الأطفال المعلوميات دون حواسيب أو تغطية رقمية.

وانتقد ضعف النقل المدرسي، مشيرا إلى أن بعض الحافلات تقل أعدادا مضاعفة من التلاميذ في ظروف خطيرة، داعيا إلى إعادة ترتيب الأولويات وإرساء عدالة مجالية حقيقية.

أما النائب محمد هيشامي، عن الفريق الحركي، فوصف وضعية بعض المدارس في المناطق الجبلية بالمأساوية، مؤكدا أن لا أثر للمشاريع الوزارية على الأرض، إذ توجد مؤسسات بلا أبواب أو نوافذ أو عمال حراسة.

وطالب الوزير بالكشف عن طبيعة الدعم الذي تقدمه الوزارة للنقل المدرسي، مبرزاً أن الجمعيات والجماعات المحلية هي من تتحمل العبء الأكبر دون سند من الدولة.

في السنوات الأخيرة، ارتفع عدد التلميذات والتلاميذ المنقطعين عن الدراسة إلى مستويات مقلقة، حيث تُظهر الإحصائيات أن نحو 280 ألف تلميذ يغادرون المنظومة التعليمية سنويا، مع تسجيل أكثر من نصف هذا العدد في مرحلة التعليم الإعدادي.

هذا الوضع يشير إلى أن السياسات التي تقرب المدرسة من التلميذ من الناحية النظرية غالبا ما تصطدم بالعوائق المادية والاجتماعية؛ فالعديد من المدارس، خصوصا في المناطق القروية، تعاني نقصا في التجهيز، ضعف البنى التحتية، وصعوبة في توفير وسائل النقل والإقامة، ما يزيد من ضغوط الانقطاع المدرسي، لا سيما بين الفتيات.

إضافة إلى ذلك، يعاني النظام التعليمي من مشكلات هيكلية تؤثر على جودة التعلم والتكوين، منها الاكتظاظ الشديد للفصول، الذي يصل في بعض المدارس المتوسطة إلى أن أكثر من 30٪ من الأقسام تضم أكثر من 37 تلميذا، بل بعض الأقسام تتجاوز 45 تلميذا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى