انتهاكات مقلقة تدفع هيئات حقوقية للمطالبة بإصلاح شامل لقوانين حماية الطفل

حسين العياشي
تدق الجمعية المغربية لحقوق الإنسان ناقوس الخطر مجددًا، محذّرة من تصاعد مقلق لموجة العنف الموجّه ضد الأطفال في مختلف مناطق المملكة. بين اعتداءات جسدية، واستغلال جنسي، وانتهاكات رقمية متزايدة، ترفع الجمعية صوتها عالياً مطالبة السلطات بالتدخل العاجل لوضع حد لهذه الجرائم التي تنتهك براءة الطفولة وكرامتها.
وترى الجمعية أن الظاهرة لم تعد حالات معزولة، بل تحوّلت إلى مؤشر خطير على خلل اجتماعي وقانوني يتفاقم بصمت. فقد شهدت الأسابيع الأخيرة، حسب بيان المنظمة، وقائع صادمة؛ منها حادثة الاغتصاب الجماعي لطفل خلال موسم مولاي عبد الله أمغار، واستغلال طفلة في التهريب والاتجار بالبشر بمدينة السمارة، إلى جانب نشر صور ذات طابع جنسي لأطفال بمدينة فاس. أحداث متفرقة، لكنها تعكس – وفق تعبير الجمعية – اتساع رقعة العنف ضد القاصرين، في ظل غياب ردع فعلي يحميهم.
وتحمّل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان مسؤولية هذا التدهور لضعف التفاعل المجتمعي من جهة، ولقصور تطبيق القوانين من جهة أخرى، رغم أن المغرب صادق منذ سنة 1993 على اتفاقية حقوق الطفل. غير أن هذا الالتزام، تضيف الجمعية، ظل حبيس النصوص دون أن يُترجم إلى آليات حماية فعالة، مما جعل الإفلات من العقاب يغذي استمرار هذه الانتهاكات.
وفي مواجهة هذا الوضع الخطير، تدعو الجمعية إلى تعبئة وطنية شاملة تتقاطع فيها جهود الدولة والمجتمع المدني والأسر، لحماية الطفولة من مختلف أشكال العنف. كما تقترح جملة من الإجراءات العملية، أبرزها إطلاق برامج وقائية في قطاعات الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية، تقوم على ترسيخ ثقافة حقوق الطفل ومبدأ المصلحة الفضلى له.
وطالبت الجمعية كذلك بإحداث آليات قضائية ناجعة للتحقيق ومعاقبة مرتكبي الاعتداءات الجنسية والجسدية ضد القاصرين، إلى جانب مراجعة شاملة للقانون الجنائي بهدف التنصيص الصريح على جريمتي الاغتصاب والاستغلال الجنسي للأطفال كجرائم مستقلة بعقوبات مشددة.
ومن بين توصيات الجمعية أيضاً، وضع قانون إطار شامل تحت مسمى “مدونة حقوق الطفل”، لتوحيد النصوص القانونية الوطنية مع المعايير الدولية، وتعزيز الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال ضحايا العنف. كما شددت على ضرورة حماية الأطفال في وضعية الشارع من الاستغلال، سواء الجنسي أو الاقتصادي، وضمان ولوجهم إلى التعليم والرعاية الصحية وحياة كريمة تحفظ إنسانيتهم.
وفي ختام موقفها، أكدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن صون كرامة الطفولة ليس ترفًا حقوقيًا، بل واجب وطني وأخلاقي، وأن أي تقاعس عن حماية هذه الفئة الضعيفة هو تواطؤ صامت مع العنف الذي يسلب أطفال المغرب طفولتهم ومستقبلهم.