بداية نهاية التعاملات النقدية في سوق العقار..رسوم على استعمال”الكاش”

بشرى عطوشي

يرصد مشروع قانون المالية لسنة 2026 تدابير صارمة جديدة تستهدف الحد من استعمال النقود “الكاش” في المعاملات العقارية، وذلك من خلال فرض زيادة قدرها 2 في المائة على رسوم التسجيل عند عدم توثيق كيفية دفع ثمن العقار أو الأصول التجارية أمام الموثق.

تأتي هذه الخطوة في إطار جهود الدولة لمحاربة تبييض الأموال وتعزيز الشفافية في سوق العقارات. وتنص المادة 133 من مشروع القانون على أن كل عقد تفويت لعقار أو أصل تجاري لم يذكر فيه بوضوح طريقة دفع الثمن ومراجعها، أو لم يتم الدفع أمام الموثق أو في محاسبته، يخضع لواجب تسجيل إضافي بنسبة 2 في المائة. كما يشمل هذا الواجب الجزء من الثمن الذي دُفع نقدًا باستخدام وسائل الدفع المنصوص عليها في المادة 11-II.

ويهدف هذا الإجراء إلى تطويق تحويل الأموال غير المصرح بها والممولة نقدًا، وهو ما يشكل خطرًا على الاقتصاد الوطني من خلال تسهيل عمليات تبييض الأموال والتحايل الضريبي. وبالتالي، يشجع مشروع القانون على اعتماد وسائل دفع رسمية وشفافة تعزز من مراقبة حركة الأموال في المعاملات العقارية.

مع دخول مشروع القانون حيز التنفيذ، ستكون مراقبة عمليات الدفع العقارية من خلال الموثقين أكثر دقة، مما يقلص من الانتهاكات المالية ويعود بالفائدة على الاقتصاد الوطني بمزيد من الشفافية والاستقرار.

ومع ذلك يرى متتبعون أن هذا التدبير لا يخلو من تبعات منها أن تأثير قرار زيادة 2 في المائة على استعمال الكاش في المعاملات العقارية بالمغرب متشابك وله أبعاد متعددة على سوق العقار ومبيعاته.

فقرار فرض رسم إضافي بنسبة 2% على المدفوعات النقدية غير المصرح بها، إن كان يهدف لتعزيز الشفافية ومكافحة التهرب الضريبي، لكنه قد يشكل ضغطًا على السوق خصوصًا في المناطق التي يعتمد فيها المشترون على الكاش بسبب محدودية استعمال الحسابات البنكية.

بعض الخبراء يرون أن هذا الإجراء من شأنه تقليل حجم المعاملات غير القانونية والناتجة عن تسويات جانبية أو “الدفع تحت الطاولة”، مما يمكن أن يسهم في استقرار الأسعار على المدى الطويل عبر ضبط السوق. لكنه في المقابل، قد يؤدي إلى تباطؤ مؤقت في حركة المبيعات، خصوصًا بين فئات المواطنين الذين يفضلون أو يضطرون للدفع نقدًا، وهو ما ظهر في نقاش برلماني حول مشروع قانون المالية 2026 حيث أُثير جدل بين من يدعم التنظيم وبين من يخشى الإضرار بالمشتريين التقليديين.

على مستوى المبيعات العقارية، قد تشهد المبيعات تباطؤًا نسبيًا في البداية نتيجة للزيادة المالية والتقييدات الجديدة، لكن في الأفق الطويل، يُتوقع أن يعود السوق إلى نشاطه مع انتقال تدريجي نحو المزيد من الشفافية وضبط الأموال. كما يتوقع أن تستفيد فئات المستثمرين والمشترين الذين يعتمدون على وسائل دفع قانونية من السوق الأكثر استقرارًا وجاذبية، خصوصًا مع المشاريع الحكومية الجارية وبرامج دعم السكن التي من المتوقع أن تعيد تنشيط الطلب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى