فاطمة برتاوش تعدد أبرز مستجدات المسطرة المدنية المثيرة للجدل

خديجة بنبيس : صحافية متدربة

ما زال قانون المسطرة المدنية يثير الجدل بين المهتمين والمشتغلين في الحقل القانوني، حيث تتباين الآراء حول تأثير التعديلات الجديدة على فعالية القضاء وحقوق المتقاضين.

وتفاعلا مع الموضع أفادت فاطمة برتاوش، أستاذة القانون الخاص بجامعة القاضي عياض، أن تعديل قانون المسطرة المدنية 23.02 لسنة 1974 يأتي في سياق جهود الإصلاح الشامل لمنظومة العدالة بالمغرب. يهدف هذا التعديل إلى تعزيز فعالية ونجاعة القضاء، ويأتي أيضًا استجابة لتوصيات الميثاق الوطني لإصلاح العدالة، الذي يسعى لتبسيط الإجراءات وتسهيل الوصول إلى العدالة. كما يعكس التعديل التوجيهات الملكية السامية التي تدعو إلى إحداث إصلاحات عميقة وشاملة، تهدف إلى معالجة الهشاشة وبطء الإجراءات التي يعاني منها المتقاضون.

وبالتالي فإن هذا المشروع  يروم تحسين مستوى جودة الأحكام والخدمات القضائية، والاسهام  في تسريع معالجة الملفات وتنفيذ الأحكام، مما يعزز قدرة القضاء على خدمة المواطن بشكل أفضل.

تغييرات مثيرة للجدل

أبرزت  الأستاذة برتاوش في تصريح لموقع “إعلام تيفي”  أن مشروع قانون المسطرة المدنية 02.23 قد جاء بمجموعة من المستجدات التي تستدعي التوقف عندها، لمعرفة ما إذا حقق هذا المشروع المبتغى من تنزيله واستجاب لتطلعات المهتمين بالشأن القانوني والمسطري أم لا.

وسجلت المتحدثة أن مشروع القانون، ينص على فرض غرامة تتراوح بين 5000 و10000 درهم على المتقاضي سيء النية، مما قد يُعتبر عائقًا أمام المواطن في ممارسة حقه في التقاضي والدفاع عن حقوقه، ويُعد بمثابة خرق لمبدأ الحق في التقاضي.

وأضافت أن المشروع حدد إمكانية التقاضي على درجة واحدة فقط في القضايا التي لا تتجاوز قيمتها 30 ألف درهم، مما يقلص من فرص الاستئناف ويضعف من حق المتقاضي في الحصول على مراجعة قضائية كاملة

أوضحت ذات المتحدثة أنه فقًا لمشروع القانون، يمكن للمتقاضي تقديم دعواه أمام المحكمة الابتدائية، ولكن في حال فشل في الحصول على الحكم المطلوب، لن يكون له الحق في الاستئناف، كما لن يتمكن من اللجوء إلى طرق الطعن غير العادية، وبذلك، يُحد مشروع هذا القانون من درجات التقاضي، حيث يُعطى للمتقاضي الحق في التقاضي على درجة واحدة فقط إذا كانت قيمة النزاع لا تتجاوز 30 ألف درهم.

وتابعت برتاوش أن مشروع قانون 02.23 جاء بمستجد آخر يتعلق أساسًا بحرمان المتقاضي من حقه في النقض في الأحكام التي تقل قيمتها عن 80 ألف درهم.  وسجلت بهذا الصدد أن هذا يمس بمبدأ المساواة بين المتقاضين بناءً على الوضعية المالية؛ بمعنى أنه إذا صدرت في حق شخص أحكام تتجاوز هذه القيمة، فإنه يحق له النقض، بينما إذا صدرت في حقه أحكام أقل من هذه القيمة، فإنه لا يحق له النقض، وهذا يعد أيضًا مساسًا بمبدأ المساواة، حيث يميز بين طبقتين من المتقاضين: الطبقة الغنية التي يمكنها الاستفادة من حق النقض، والطبقة الفقيرة التي ستظل محرومة من هذا الحق. وفق المتحدثة

وأردفت أستاذة القانون الخاص أن المشروع يتيح للنيابة العامة، سواء كانت طرفًا في الدعوى أم لا، طلب التصريح ببطلان الحكم المخالف للنظام العام دون التقيد بآجال الطعن القانونية، كما هو منصوص عليه في المادة 17 من المشروع. وهذا قد يمس بحجية وقوة الشيء المقضي به، حيث يمكن للنيابة العامة الطعن في الأحكام المخالفة للنظام العام في أي وقت، حتى بعد مرور عقود، مما قد يؤثر سلبًا على استقرار المعاملات و تبديد ثقة المتقاضين في الأحكام الصادرة عن القضاء المغربي.

وفي إطار التبيلغ تم إلغاء مسطرة القيم التي كانت تُعتمد في القانون الحالي، والتي أظهرت عدم فعاليتها في تحقيق الأغراض المرجوة، بدلاً من ذلك، يُكلف المفوض القضائي بإجراءات التبليغ بناءً على طلب المتقاضي، والذي سيتحمل نفقات التبليغ والاستدعاءات، مما يثقل كاهل المتقاضي بنفقات جديدة.

كما ينص المشروع على اعتماد العنوان الموجود في البطاقة الوطنية من أجل تبليغ المتقاضي.

ومن بين المستجدات أيضا أوردت المتحدثة أن المشروع قلص أجل  الطعن بالاستئناف  في الأحكام إلى 15 يومًا بدلًا من 30 يومًا، مع بعض الاستثناءات.

خطوة نحو تحسين فعالية العدالة

لفتت أستاذة القانون الخاص بجامعة القاضي عياض، أن هذا المشروع شهد زيادة ملحوظة في عدد المواد، حيث ارتفع العدد من 528 إلى 644 مادة، نتيجة لإدماج المقتضيات القانونية المتعلقة بقضاء القرب، وإحداث المحاكم التجارية والإدارية، ومحاكم الاستئناف الإدارية. مما أدى إلى تضخم النصوص القانونية بشكل واضح.

من بين المستجدات الأخرى، قالت فاطمة برتاوش إن المشروع أكد على ما جاء به قانون التنظيم القضائي رقم 15.38، والذي ينص على إحداث أقسام متخصصة داخل بعض المحاكم الابتدائية. وهذه الأقسام تشمل القضاء التجاري، والقضاء الإداري، وقضاء الأسرة. وبذلك، سيصبح لدينا ثلاثة أنواع من المحاكم الابتدائية: المحاكم ذات الولاية العامة، المحاكم المصنفة، والمحاكم ذات الأقسام المتخصصة.

أما المحاكم المتخصصة، فإنها لن تختص بالقضايا التجارية إلا إذا تجاوزت قيمتها 80 ألف درهم، مما يعني أن القضايا الأقل من هذه القيمة ستبقى من اختصاص المحاكم الابتدائية.

وأوردت المتحدثة أن المشروع نص على التقاضي الإلكتروني ورقمنة الإجراءات، مما سيسهم في تسهيل التعامل بين القضاة والمحامين والمفوضين القضائيين والأطراف المتقاضية عبر وسائل التواصل الإلكتروني، بما في ذلك البريد الإلكتروني لتبادل المعطيات وتبليغ الإجراءات.

ومن بين المستجدات الهامة الأخرى وفق المتحدثة هو التشجيع على استخدام الوسائل البديلة لحل النزاعات، مثل الصلح والوساطة والتحكيم، وذلك لتخفيف العبء على القضاء، كما نصت عليه المواد 8 و9 من مشروع القانون.

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى