بروكسيل تعترف بجهود المغرب في إصلاح المنظومة الجبائية

حسين العياشي

أكد مجلس الاتحاد الأوروبي، في اجتماعه المنعقد يوم الجمعة 10 أكتوبر، أنه لم يطرأ أي تغيير على قائمة “الولايات القضائية غير المتعاونة لأغراض ضريبية”، مع الإشارة إلى التقدم الملحوظ الذي أحرزته عدة دول، من بينها المغرب، في مجال الشفافية المالية والحكامة الضريبية.

المراجعة نصف السنوية لهذه القائمة لم تسفر عن أي تعديل في عدد الدول أو الأقاليم المصنفة على اللائحة السوداء، والتي ما تزال تضم أحد عشر كيانًا من بينها ساموا الأمريكية، أنغويلا، فيجي، غوام، بالاو، بنما، روسيا، ساموا، ترينيداد وتوباغو، جزر العذراء الأمريكية، وفانواتو. هذه الأقاليم لا تزال تحت مجهر آلية المراقبة الأوروبية التي تتابع مدى التزامها بالمعايير الدولية المتعلقة بالشفافية وعدالة الأنظمة الضريبية وتبادل المعلومات.

ورغم الإبقاء على القائمة دون تغيير، أشار مجلس الاتحاد الأوروبي إلى أن عددًا من الدول الشريكة أحرزت تقدمًا ملموسًا في مواءمة تشريعاتها مع المعايير الأوروبية. وجاء في بيانه أن المجلس “يأسف لعدم التزام بعض الولايات القضائية بشكل كامل بالمعايير المطلوبة، لكنه يرحب بالجهود والإصلاحات التي أطلقتها دول أخرى لتحقيق ذلك الهدف”.

وفي الوثيقة المرافقة المعروفة باسم “تقرير حالة التقدم”، أدرج المجلس اسم المغرب ضمن الدول التي اتخذت التزامات رسمية لتعزيز تنفيذ المعايير الدولية الخاصة بالإفصاح الضريبي للشركات متعددة الجنسيات. وتشمل هذه الالتزامات تطوير نظام وطني لتبادل المعلومات الضريبية بشكل تلقائي، وتحسين حكامة البيانات المحصلة من الشركات ذات الحضور الدولي.

وأشار التقرير إلى أن المغرب، إلى جانب كل من غرينلاند والأردن، اتخذ خطوات ملموسة “لتجويد تنفيذ هذا المعيار”، مؤكداً أن هذه الالتزامات ستخضع للمتابعة ضمن آلية الإشراف الأوروبية، وستُدرج نتائجها في تقارير المراجعة المقبلة.

ويأتي هذا الاعتراف الأوروبي بعد سنوات من الإصلاحات التي أطلقتها المملكة في مجال الشفافية الضريبية، خاصة بعد المصادقة على إطار قانوني ينظم تبادل المعلومات مع الشركاء الدوليين، وتكييف المنظومة الجبائية الوطنية مع المعايير التي تفرضها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OCDE). وهي خطوات مكنت المغرب من تعزيز صورته كدولة منخرطة في دينامية الشفافية والتعاون المالي الدولي.

ويذكر أن القائمة الأوروبية للولايات القضائية غير المتعاونة أُنشئت سنة 2017 في إطار استراتيجية الاتحاد الرامية إلى ترسيخ مبادئ “الحكامة الضريبية السليمة” على المستوى العالمي. وتستند عملية التقييم إلى ثلاثة معايير رئيسية: شفافية الأنظمة الضريبية، وعدالة النظام الجبائي، ومدى تنفيذ المعايير الدولية لمحاربة تآكل الوعاء الضريبي وتحويل الأرباح.

وتخضع هذه القائمة لمراجعتين سنويًا، في فبراير وأكتوبر، على أن تكون المراجعة المقبلة في فبراير 2026. وتشرف على العملية مجموعة العمل حول “مدونة السلوك الخاصة بجباية الشركات” بتنسيق مع هيئات دولية متخصصة، من بينها المنتدى المعني بالممارسات الضريبية الضارة التابع لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.

وتهدف هذه الآلية، كما جاء في بيان المجلس، إلى “الاعتراف بالجهود البنّاءة التي تبذلها الدول في مجال الإصلاح الضريبي، وتشجيعها على مواصلة تبني مبادئ الحكامة الرشيدة في إدارة شؤونها المالية”.

وهكذا، يواصل المغرب ترسيخ موقعه كشريك موثوق للاتحاد الأوروبي، عبر مسار إصلاحي متدرج يسعى إلى تعزيز الشفافية المالية وجعل النظام الجبائي الوطني منسجمًا مع القواعد الدولية. خطوة جديدة تؤكد أن المملكة لم تعد معنية بأي تصنيف سلبي، بل باتت فاعلاً مؤثرًا في المشهد الضريبي الدولي ومساهماً في جهود بناء اقتصاد عالمي أكثر عدلاً وشفافية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى