بنسعيد ل”إعلام تيفي”:” احتجاجات الشباب رسالة إيجابية تعكس اهتمامهم بالشأن السياسي وتستدعي الإنصات لهم ” (حوار )

فاطمة الزهراء ايت ناصر
في ظل الاحتجاجات الشبابية الأخيرة، والجدل المثار حول تسقيف سن اجتياز مباريات التوظيف العمومي في حدود 30 سنة، أجرى موقع “إعلام تيفي” حوارًا مع وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد.
الوزير تحدث عن رؤيته لأوضاع الشباب، وعن الحلول البديلة التي تراهن عليها الحكومة، خاصة الصناعات الثقافية والإبداعية باعتبارها رافعة اقتصادية واجتماعية.
وفيما يلي نص الحوار:
- كيف تنظرون إلى النقاشات التي يخوضها الشباب في الشارع اليوم، وما هي البدائل التي تطرحونها أمامهم في ظل محدودية فرص التوظيف العمومي؟
الوزير: أنا أتابع النقاش الذي يحدث في الشارع اليوم، وأعتبره إيجابيًا، فهو رسالة من الشباب بأنهم يهتمون بالشأن السياسي وبالإشكاليات التي نعاني منها. ويجب علينا، كمؤسسات حزبية وحكومية، أن نستغل هذا المعطى من أجل إدماجهم، والإنصات إليهم، والعمل على إيجاد الحلول، ولِمَ لا بتعاونٍ معهم.
أولا يجب أن نؤكد أن الحياة الدراسية أو المهنية ليست مسارًا واحدًا، بل هي متعددة. قد يعرف مجال اقتصادي معين أزمة أو إشكالية، في حين تفتح مجالات أخرى فرصًا جديدة.
نحن اليوم نشتغل على هذا المنطق؛ فتح أكبر عدد ممكن من الآفاق أمام الشباب، من خلال تكوينات جديدة ومبتكرة، مثل الصناعة الثقافية وصناعة ألعاب الفيديو.
- تحدثتم عن الصناعات الثقافية كقطاع بديل. كيف يمكن أن يشكل هذا القطاع فرصة فعلية لتشغيل الشباب؟
الوزير: بالفعل، لدينا دراسة مع البنك الدولي ستصدر نهاية السنة، تُبيّن أن المغرب قادر على خلق أكثر من 120 ألف منصب شغل في مجال الصناعات الثقافية.
صحيح أن هناك مطالب مرتبطة بالصحة والتعليم والتشغيل، وأعتقد أنه عندما نتحدث عن الكرامة بشكل عام، يجب أن يتوفر لكل شاب عمل يواكب طموحه.
لذلك انفتحنا على مثل هذه التكوينات الجديدة في المغرب، المندمجة مع جامعات من الطراز العالي، لنؤكد أن الحلم المغربي لا يركز فقط على فئة معينة من الشباب، بل هو مفتوح للجميع.
وأكبر دليل على ذلك خريجو الفوج الأول من برنامج تكوين الشباب في مجال صناعة ألعاب الفيديو، في إطار الشراكة التي جمعت وزارتي الثقافة المغربية والفرنسية.
ونحن نعتبر أن هذه الصناعة ليست مجرد ترف أو نشاط ثانوي، بل قوة اقتصادية حقيقية يمكن أن تجيب عن جزء من مطالب الشباب، إلى جانب القطاعات التقليدية مثل التعليم والصحة.
- كيف يمكن للشباب المغربي تجاوز محدودية الوظائف العمومية، وما هي الاستراتيجيات التي تعتمدها الحكومة لدعم مشاريعهم؟
الوزير: الوظيفة العمومية لا يمكن أن تستوعب 30 مليون مواطن. صحيح أن هناك شبابًا يتطلعون إلى التوظيف في القطاع العام، وهذا حقهم، لكن هناك أيضًا شبابًا آخرين يجب أن نفتح أمامهم آفاق تأسيس مقاولات صغيرة ومتوسطة، ليخلقوا بدورهم فرص عمل لغيرهم. الحلم يجب أن يكون أوسع من مجرد منصب في الإدارة العمومية.
اليوم نسعى إلى خلق عدد كبير من التكوينات ودينامية اقتصادية واجتماعية، بهدف توفير فرص الشغل لجميع الخريجين في مختلف المجالات. حتى إذا لم يحصل الشاب على وظيفة، فإن لديه فكرة مشروع يمكنه إيجاد الموارد البشرية التي تساعده على تطويره.
السؤال الأول الذي يُطرح علينا دائمًا هو: ما هي التكوينات المتوفرة في المغرب في هذه المجالات الجديدة، وما هي الموارد البشرية التي يمكن الاعتماد عليها؟ فالشركات التي ترغب في الاستثمار في المغرب تحتاج، بالمقابل، إلى موارد بشرية مؤهلة.
لذلك، فإن أولويتنا في قطاع الشباب والثقافة اليوم هي تقوية التكوينات في مثل هذه المجالات، إذ يمكن للصناعات الثقافية أن تكون حلاً للإشكاليات التي نعيشها حاليًا. على الصعيد الدولي، تُعد قضية تشغيل الشباب تحديًا عالميًا، وليس مسألة تخص المغرب فقط. لذلك نحرص على منح الشاب المغربي الإمكانية لمواصلة حلمه وتحقيق طموحاته في أرض الوطن.
- وماذا عن الشباب الذين تجاوزوا الثلاثين سنة، هل يغلق الباب أمامهم نهائيًا؟
الوزير: أبدًا. أعرف أشخاصًا في سن 30 أو 35 عامًا تمكنوا من إعادة التكوين وخوض تجارب جديدة. التكوين المستمر يظل حلًا مطروحًا دائمًا.
لذلك نركز على خلق تكوينات من مستوى عالٍ، مثل تلك التي أطلقناها بشراكة مع كبرى المدارس الدولية في مجالات الصناعات الثقافية والإبداعية، والتي تسمح للشباب بتجديد مهاراتهم باستمرار.
- كيف يمكن ترجمة هذه الرؤية على أرض الواقع؟
الوزير: لدينا اليوم أمثلة ملموسة؛ 40 شابًا من مختلف جهات المملكة استفادوا من تكوين في مجال صناعة ألعاب الفيديو، ونجحوا بإمكانيات بسيطة في إطلاق مقاولات ومشاريع، وبعضهم التحق فعليًا بشركات كبرى.
هذا دليل على أن الحلم المغربي ليس مغلقًا أمام أحد، بل مفتوح للجميع، إذا توفرت الإرادة والدعم المؤسساتي.
- كلمة أخيرة توجهونها للشباب المغربي.
الوزير: رسالتي هي أن المغرب اليوم بصدد بناء صناعة ثقافية قوية، ليست مجرد تراث وأخلاق وكتب ومسرح، بل أيضًا صناعة وفرص اقتصادية حقيقية.
هدفنا ليس إرضاء وزارة أو وزير، بل تمكين الشباب المغربي من أخذ مكانه في السوق الدولية، وتحقيق طموحاته هنا في بلده.





