بوريطة: “الرباط ودكار لم تعودا مجرد شريكين بل حليفان في إفريقيا الأطلسية”

فاطمة الزهراء ايت ناصر
أكد ناصر بوريطة أن العلاقات المغربية-السنغالية بلغت اليوم مستوى التحالف الاستراتيجي، متجاوزة حدود الشراكة التقليدية والأخوة التاريخية، ليصبح التنسيق بين الرباط ودكار أكثر قوة وفعالية على المستويين الإقليمي والقاري.
وشدد الوزير على أن السنغال تلعب دورا محوريا داخل مبادرة الأطلسي، بحكم مكانتها كقطب للاستقرار والتنمية في إفريقيا الأطلسية، وما يمكن أن تضطلع به من مهام أساسية في تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي وبناء روابط اقتصادية واستراتيجية متناغمة مع الرؤية الملكية.
وأشار بوريطة كذلك إلى الأهمية الحاسمة للدور السنغالي في مشروع أنبوب الغاز، باعتبارها دولة منتجة ومؤثرة في هذا القطاع، ما يجعل مشاركتها مركزية في بلورة التصور الإقليمي للمشروع. وأكد أن الرباط ودكار يعملان على تحويل هذا التقارب السياسي والاقتصادي إلى مبادرات ملموسة ومشاريع مشتركة، بما يعكس قوة التحالف الذي يجمع البلدين.
وخلال ندوة صحفية مشتركة بالرباط مع شيخ نيانغ، وزير الاندماج الإفريقي والشؤون الخارجية والسنغاليين بالخارج، أبرز بوريطة أن العلاقات المغربية-السنغالية تجسد النموذج المرجعي الذي تبني عليه المملكة علاقاتها مع الدول الإفريقية. واعتبر أن متانة هذه الروابط تستمد عمقها من توجيهات قائدي البلدين، ومن تاريخ طويل من التعاون والاحترام المتبادل.
وأوضح بوريطة أن زيارة الوزير السنغالي للمغرب تعد أول زيارة رسمية له منذ تعيينه في شتنبر الماضي، وواحدة من أولى زياراته الثنائية، ما يؤكد المكانة الخاصة للمغرب في أجندة الدبلوماسية السنغالية. وأضاف أن هذا الاختيار يعكس التطور المستمر للعلاقات بين البلدين تحت قيادة رئيسي الدولتين.
وسجل الوزير أن السنغال هي البلد الإفريقي الأكثر زيارة من طرف الملك محمد السادس، الذي زارها تسع مرات، إضافة إلى اختياره العاصمة دكار لإلقاء خطابه الملكي الوحيد خارج المغرب، في رسالة واضحة إلى الفرادة التي تحظى بها السنغال داخل السياسة الإفريقية للمملكة.
وأكد بوريطة أن العلاقات الثنائية لا تقوم فقط على المصالح الدبلوماسية، بل ترتكز على أسس روحية وإنسانية واقتصادية متينة، بقوله: “العلاقة بين المغرب والسنغال لها قواعد صلبة وجوانب إنسانية وروحية واقتصادية لا مثيل لها في علاقتنا مع أي بلد إفريقي آخر”.
وبخصوص أهداف الزيارة، كشف الوزير أنها محطة أساسية لترجمة الطموح المشترك للقيادتين في الارتقاء بهذه العلاقات إلى مستويات أعلى، مشيرا إلى الاتفاق على تنظيم زيارات قطاعية أسبوعية بين الوزراء لتعزيز التنسيق وتفعيل مشاريع مشتركة في مجالات متعددة.
كما أعلن العمل على عقد لجنة مشتركة عليا بحضور رئيسي حكومتي البلدين، سيتم خلالها توقيع اتفاقيات جديدة والتحضير لقمة بين رئيسي الدولتين، تشكل فرصة لرسم توجهات استراتيجية جديدة تتماشى مع التحولات الاقتصادية والسياسية التي يشهدهما البلدان.
وعلى المستوى الاقتصادي، شدد بوريطة على قوة حضور القطاع الخاص المغربي في الاقتصاد السنغالي، مؤكدا أن الفرص الاستثمارية أصبحت اليوم أوسع وأكثر تنوعًا، بما يفتح المجال لمشاريع استراتيجية مستقبلية تخدم مصالح البلدين.
أما في الجانب الإنساني والروحي، فأشار إلى عمق الروابط بين الشعبين، مبرزا أن الجهود متواصلة لجعل هذه العلاقات أكثر انسيابية واندماجًا، بما يعكس خصوصية النموذج المغربي-السنغالي داخل القارة الإفريقية.
وختم بوريطة بالتأكيد على أن التحالف بين المغرب والسنغال يتجه نحو مزيد من الترسخ، مدفوعا بتقارب الرؤى حول القضايا القارية والإقليمية، واستعداد البلدين لترجمة هذا التقارب إلى خطوات عملية تعزز حضورهما داخل الفضاء الإفريقي الأطلسي.





