بين خطاب الإصغاء وواقع التجاهل..جدل علاقة حكومة أخنوش بالمعارضة

فاطمة الزهراء ايت ناصر
في أحدث إطلالة إعلامية له، أكد رئيس الحكومة عزيز أخنوش أن حكومته تتجاوب مع البرلمان بأغلبيته ومعارضته على حد سواء، مشيراً إلى أنها أجابت عن 21 ألف سؤال بنسبة 70 في المائة، وقبلت عدداً من مقترحات وتعديلات المعارضة، معتبراً بذلك أن حكومته هي الأكثر انفتاحاً في هذا الباب.
أخنوش لم يكتف بذلك، بل ميز بين نوعين من المعارضة؛ واحدة وصفها بـ”المسؤولة والبناءة” التي تقترح وتناقش، وأخرى تُعلي من شأن “البوز” وتطلق الكلام على عواهنه.
لكن هذه الصورة الإيجابية التي رسمها رئيس الحكومة تصطدم مع شهادات أخرى من داخل المؤسسة التشريعية.
عبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، سبق أن قدم رواية مخالفة، إذ اعتبر أن المعارضة كثيراً ما تصطدم بمحاولات لتقويض حضورها وتفريغ مبادراتها من محتواها، سواء من طرف الحكومة أو من طرف الأغلبية البرلمانية.
فالدستور المغربي لسنة 2011 خطا خطوة متقدمة عندما أفرد فصلاً خاصاً لحقوق المعارضة، معتبراً إياها شريكاً أساسياً في التوازن المؤسساتي. غير أن ممارسة هذه الحقوق تظل رهينة بمدى انفتاح الأغلبية والحكومة على تفعيلها.
والمعارضة، كما يشير بووانو، تواجه عراقيل واضحة، من بينها رفض العديد من مقترحات القوانين دون مبررات مقنعة، وعدم تجاوب الحكومة مع مبادراتها الرقابية، بل وحتى غياب رئيس الحكومة نفسه عن الجلسة الشهرية لمساءلة السياسات العامة، إضافة إلى الغياب المتكرر لعدد من الوزراء عن جلسات الأسئلة الشفهية.
هذا التناقض بين خطاب الانفتاح والتجاوب من جهة، واتهامات التجاهل والتهميش من جهة أخرى، يكشف أن العلاقة بين الحكومة والمعارضة لا تزال بعيدة عن التوازن المنشود الذي نص عليه الدستور.
فإذا كانت المعارضة مطالبة بأن تكون مسؤولة وبنّاءة، فإن الحكومة والأغلبية مطالبتان بدورهما بأن تكونا منفتحتين وجادتين في التعامل مع النقد والاقتراحات، بدل اختزالهما في ثنائية معارضة مسؤولة ومعارضة البوز.
فالسياسة في النهاية ليست تبادل الاتهامات أو تسجيل النقاط، بل هي آلية لتصحيح السياسات العمومية وتحسينها بما يخدم الوطن والمواطن. ومن دون معارضة قوية تحظى بالاعتراف الفعلي، لا بالتصريحات، ستظل تجربة الأغلبية عرضة للانتقادات، وسيبقى خطاب التماسك والانفتاح مجرد واجهة تخفي واقعاً أقل إشراقاً.