تحوّل استراتيجي في مضيق جبل طارق: “مايرسك” تنقل خطها البحري من إسبانيا إلى المغرب

اعلام تيفي

ل.شفيق-اعلام تيفي 

يشهد مضيق جبل طارق إعادة رسم لخريطة القوة البحرية، بعد قرار شركة Maersk الدنماركية، عملاق الشحن البحري العالمي، نقل خطها البحري MECL — الرابط بين الهند وباكستان والشرق الأوسط والساحل الشرقي للولايات المتحدة — من ميناء الجزيرة الخضراء الإسباني إلى ميناء طنجة المتوسط بالمغرب.

الخط المعني كان يتعامل مع نحو 750 ألف حاوية سنويًا، ما جعله أحد الأعمدة الأساسية لمكانة الجزيرة الخضراء كمركز لوجستي محوري في غرب المتوسط.

من الخلافات الدبلوماسية إلى القرارات الاقتصادية

قرار “مايرسك” جاء في ظل أجواء توتر سياسي متصاعد بين مدريد وواشنطن. ففي نوفمبر 2024، رفضت الحكومة الإسبانية رسو سفينتين أمريكيتين في ميناء الجزيرة الخضراء، استنادًا إلى مزاعم حزبية حول وجهة شحناتهما. هذا الموقف أثار غضب الولايات المتحدة، التي ردّت بفتح تحقيق رسمي عبر اللجنة الفيدرالية الأمريكية للملاحة، بحثًا في ما إذا كان القرار الإسباني يتعارض مع مبدأ المساواة في المعاملة البحرية.

التداعيات المحتملة لم تكن هينة، إذ قد تواجه إسبانيا غرامات تصل إلى 2.3 مليون دولار لكل رحلة، فضلًا عن احتمال فرض قيود على دخول سفنها إلى الموانئ الأمريكية.

مزايا طنجة المتوسط: بنية تحتية وإعفاءات بيئية

إلى جانب التوتر السياسي، لعبت العوامل الاقتصادية والبيئية دورًا حاسمًا في هذا التحول. فآلية تسعير الكربون الأوروبية، التي دخلت حيز التنفيذ في يناير 2024، رفعت تكاليف التشغيل بالموانئ الأوروبية، بينما ظل ميناء طنجة المتوسط معفيًا من هذه الرسوم، مستفيدًا من بنية تحتية متطورة قادرة على استقبال أضخم السفن في العالم.

شراكة أمريكية – مغربية

في خطوة عززت جاذبية الميناء المغربي، وقّع المغرب والولايات المتحدة في يونيو 2025 اتفاقًا لإدراج طنجة المتوسط ضمن مبادرة أمن الحاويات (CSI)، ما وضعه في مصاف أبرز الموانئ المتوسطية من حيث المعايير الأمنية والتجارية.

خسارة لإسبانيا ومكسب استراتيجي للمغرب

بالنسبة لمدريد، يمثل خروج هذا الخط البحري تراجعًا في دورها كمحور رئيسي للتجارة البحرية العابرة للأطلسي. أما الرباط، فتنظر إلى الأمر كنجاح استراتيجي جديد يكرّس موقع طنجة المتوسط كأحد أكثر الموانئ تنافسية على مستوى العالم، ويعزز مكانته كشريك موثوق للولايات المتحدة في المنطقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى