جماهير مراكش يقاطعون المباراة: كرة القدم ليست أولوية في زمن الاحتجاجات

حسين العياشي
في خطوة تعكس البعد الاجتماعي والسياسي الذي بات يحيط بكرة القدم المغربية، أعلن فصيل “كريزي بويز” المساند لنادي الكوكب المراكشي لكرة القدم، مقاطعته للمباراة التي سيخوضها الفريق أمام نهضة الزمامرة اليوم السبت، لحساب الجولة الثالثة من البطولة الاحترافية الأولى.
وجاء هذا القرار، الذي نشرته المجموعة عبر صفحتها الرسمية، ليؤكد أن “كرة القدم لا يمكن أن تكون أولوية في ظل الوضع العام الذي تعيشه البلاد”، معلنة تضامنها الكامل مع ما وصفته بـ”المطالب المشروعة للشعب المغربي”. هذا الموقف، الذي تجاوز حدود التشجيع الرياضي، يعكس تحوّل “الألتراس” إلى فاعلين اجتماعيين يُصغون لنبض الشارع، ويوظفون منصاتهم الجماهيرية في التعبير عن قضايا أوسع من المستطيل الأخضر.
الفصيل المراكشي شدد في بيانه على إدانته “للقمع وأعمال الشغب والتخريب”، مؤكداً أن الحل يكمن في “الحوار والتجاوب مع المطالب الشعبية”. وهو خطاب يزاوج بين الانحياز لقضايا الشارع، ورفض الانزلاق إلى الفوضى، بما يعكس النضج التنظيمي الذي بات يميز عدداً من المجموعات المساندة للأندية المغربية.
ولم يكن “كريزي بويز” الفصيل الوحيد الذي لجأ إلى خيار المقاطعة، إذ سبقته أو رافقته مجموعات أخرى مثل “فطال تيغرز” (الفتح الرياضي)، “هيركوليس” (اتحاد طنجة)، “غرين بويز” و”الإيغلز” (الرجاء الرياضي)، “إيمازيغن” (شباب الريف الحسيمي)، “أورونج بويز” (نهضة بركان)، “الشارك” (أولمبيك آسفي)، و”حلالة بويز” (النادي القنيطري). وبذلك، تتحول مدرجات الملاعب إلى مساحة ضغط جماعي يعكس تفاعلاً جماهيرياً يتجاوز الطابع الرياضي.
المتابعون يرون أن مثل هذه المواقف تؤكد الدور المتنامي للألتراس في المغرب، حيث لم تعد مهمتهم تقتصر على التشجيع وخلق الأجواء في المدرجات، بل أصبحوا قوة اجتماعية قادرة على إيصال رسائل سياسية واجتماعية قوية. هذا التحول يطرح أسئلة عميقة حول العلاقة بين الرياضة والمجتمع، ومدى قدرة الأندية والجامعة المغربية لكرة القدم على التعامل مع جماهير لا تكتفي بالهتاف، بل تتبنى مواقف ومبادرات قد تعيد تشكيل المشهد الرياضي برمته.
في ظل هذا السياق، تبقى مقاطعة “كريزي بويز” للمباراة المقبلة محطة جديدة في مسار تصاعدي يجعل من الألتراس أكثر من مجرد فصائل مشجعة. إنهم اليوم جزء من دينامية اجتماعية واسعة، تُذكّر بأن كرة القدم في المغرب لم تكن يوماً مجرد لعبة، بل فضاءً يعكس نبض الشارع وامتداداً لهمومه اليومية.