خبراء: ازدواجية أوروبا في تعاملها مع الهجرة تكشف حاجة القارة إلى اليد العاملة

حسين العياشي
فتحت المفوضية الأوروبية، أول أمس، الباب أمام المواطنين والخبراء لتقديم ملاحظاتهم ومقترحاتهم بشأن إستراتيجية جديدة لسياسة التأشيرات تعتزم اعتمادها خلال المرحلة المقبلة. وتهدف هذه الإستراتيجية، وفق ما أوضحت المفوضية، إلى صياغة سياسة “حديثة وملائمة للمستقبل” تسعى في الوقت نفسه إلى تعزيز أمن الاتحاد الأوروبي، ودعم نموه الاقتصادي وقدرته التنافسية.
وجاء في وثيقة الدعوة إلى المساهمات الخاصة “بـاستراتيجية سياسة التأشيرات للاتحاد الأوروبي”، أن الإجراءات المقبلة ستعمل على مواجهة التحديات الناشئة، خاصة تلك المرتبطة بالمخاطر الأمنية والهجرة غير النظامية، مع الاستفادة من الفرص التي توفرها التنقلات الشرعية في خدمة النمو والقدرة التنافسية. كما ذكّرت الوثيقة بالصعوبات التي ما تزال تواجهها الدول الأعضاء في استقطاب الكفاءات الأجنبية، رغم الحاجة الملحة إليها لسد الخصاص في المهارات وسوق العمل، ولتحفيز البحث العلمي والابتكار داخل أوروبا.
وأقرت المفوضية بأن الإجراءات المتعلقة بالتأشيرات طويلة الأمد والهجرة القانونية غالباً ما توصف بالتعقيد والبطء، ما يجعلها عائقاً أمام الباحثين عن فرص عمل، وحتى أمام حركة الباحثين لأغراض علمية. وشددت في هذا السياق على أن استعادة القدرة التنافسية الأوروبية تقتضي اعتماد مساطر “فعالة وشفافة” قادرة على جذب أفضل الطاقات والحفاظ عليها.
من جانبه، اعتبر خالد مونة، الأستاذ الجامعي والخبير في قضايا الهجرة، أن الموقف الأوروبي يعكس “ازدواجية واضحة”؛ فمن جهة هناك خطاب سياسي موجه للرأي العام يركز على محاربة الهجرة غير النظامية، ومن جهة أخرى وعي رسمي بكون المهاجرين يشكلون ركيزة أساسية لاقتصاد القارة، وهو ما يفرض إعادة النظر في السياسات المتبعة. وضرب مثالاً على ذلك بحكومة اليمينية جورجيا ميلوني في إيطاليا، التي رغم خطابها المتشدد، عرفت ولايتها أعلى معدلات تسوية أوضاع المهاجرين.
ويشير الباحثون في هذا السياق، إلى أن نتائج الإحصاء العام لسنة 2024 أظهرت تراجع معدلات الخصوبة ونسبة الشباب في المغرب، وهو ما يجعل نزيف الكفاءات باتجاه الخارج مكلفاً أكثر من العائدات المالية المتأتية من تحويلاتهم. وإذا كان توسيع العرض الجامعي في مجال الطب وتقليص مدة التكوين إلى ست سنوات قد يساهم في تقليص نزيف الأطباء، فإن الوضع في قطاعات أخرى سيظل يطرح تحديات كبيرة.