
إعلام تيفي ـ رسالة
حملت الجمعية الفرنسية-المغربية لحقوق الإنسان الحكومة المسؤولية الكاملة عما وقع بمدينة آسفي، معتبرة أن الكارثة التي خلفت عشرات الضحايا والمصابين والمفقودين لا يمكن تبريرها بعامل الطبيعة وحده، بل هي نتيجة مباشرة للإهمال، وتأخر القرار، والصمت الرسمي المطبق في لحظة كان فيها التدخل السريع واجبا دستوريا وأخلاقيا.
وجاء ذلك في رسالة مفتوحة وجهتها الجمعية إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش، أكدت فيها أن ما شهدته آسفي يصنف ككارثة إنسانية حقيقية، ليس فقط بسبب حصيلتها الثقيلة، التي تجاوزت حسب المعطيات المتداولة 37 وفاة في ساعات قليلة، إضافة إلى الجرحى والمفقودين وأسر فقدت مساكنها ومصادر عيشها، بل أيضا بسبب الطريقة التي دبرت بها الأزمة، والتي اتسمت بالصمت والتأخر وغياب القرارات السيادية المستعجلة.
وانتقدت الجمعية عدم تفعيل صندوق التضامن، الذي أُنشئ بأموال عمومية لمواجهة الكوارث والأزمات، معتبرة أن تعطيله في لحظة مأساوية كهذه يعد مؤشرا خطيرا على تعطيل آليات الدولة الاجتماعية، ويطرح تساؤلات مشروعة حول مصير الوعود الحكومية بحماية الفئات الهشة زمن الأزمات.
كما تساءلت بوضوح: لماذا لم يعلن عن آسفي مدينة منكوبة؟ وأين ذهبت وعود التضامن الوطني حين يتعلق الأمر بمواطنين في وضعية استغاثة؟
وسجلت الرسالة، بلهجة شديدة، غياب رئيس الحكومة وعدد من أعضاء حكومته عن الميدان، وامتناعهم عن زيارة المدينة المنكوبة، معتبرة أن هذا الغياب لا يعبر فقط عن انفصال عن واقع المواطنين، بل يكرس الإحساس بالتهميش، ويقوض الثقة في المؤسسات، ويتناقض مع الخطاب الرسمي حول الدولة الاجتماعية وربط المسؤولية بالمحاسبة.
وأكدت الجمعية أن الدستور المغربي، خاصة في فصوله 20 و31 و34 و40، يحمل الدولة مسؤولية حماية الحق في الحياة وضمان الكرامة الإنسانية وتفعيل التضامن الوطني في حالات الكوارث، كما أن التزامات المغرب الدولية في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية تفرض اتخاذ تدابير فورية وفعالة لحماية السكان المدنيين ومنع تفاقم الأضرار.
غير أن ما وقع في آسفي، بحسب الرسالة، يظهر إخلالا جسيما بهذه الالتزامات الدستورية والدولية.
وبناء على ما سبق، طالبت الجمعية بخطوات عاجلة، في مقدمتها الإعلان الفوري وغير المشروط عن آسفي مدينة منكوبة، والتفعيل العاجل والشفاف لصندوق التضامن وتوجيه موارده لدعم الساكنة المتضررة، وإعداد حصيلة رسمية دقيقة للضحايا دون تمييز، والقيام بزيارة حكومية عاجلة لتحمل المسؤولية السياسية أمام المواطنين، إلى جانب إحداث لجنة تحقيق مستقلة لتحديد المسؤوليات وترتيب الجزاءات السياسية والإدارية.
وختمت الجمعية رسالتها بتأكيد لافت مفاده أن الصمت في مواجهة موت المواطنين ليس حيادا، بل موقف سياسي كامل الأركان، وأن تاريخ الحقوق في المغرب سيسجل بدقة من تحمل مسؤوليته، ومن اختار الصمت والاختباء خلف البلاغات، تاركا مدينة منكوبة تواجه مصيرها وحيدة.





