
زوجال قاسم
أكد الخبير في التكنولوجيا الزراعية، كمال أبركاني، أن اعتماد الحلول الرقمية وأجهزة الاستشعار الحديثة في تدبير السقي يمكن أن يجنب الفلاحين ضياع كميات مهمة من مياه الري بنسبة تصل إلى 100 في المائة، داعياً إلى تعزيز إدماج التكنولوجيا والبحث العلمي في الممارسات الفلاحية الوطنية.
وجاءت تصريحات أبركاني خلال يوم دراسي نظمته شركة “تيمـاك أغرو” بمدينة كرسيف حول التسميد المعقّل لزراعة الزيتون، حيث أبرز أهمية الابتكار التقني والشراكات التشاركية في الرفع من مردودية القطاع الفلاحي، مؤكدا في الوقت ذاته، على أن النموذج الجديد للتمويل، الذي تتبناه الدولة، يقوم على إشراك الفلاحين والشركات ومؤسسات البحث والطلبة في برامج بحثية تطبيقية ذات أثر مباشر على الإنتاج والتكاليف.
وأوضح الخبير أن اتخاذ قرار السقي لم يعد يعتمد على التقدير الشخصي أو الملاحظة التقليدية، بل أصبح يستند إلى بيانات دقيقة توفرها المجسات الذكية المتوفرة حالياً في السوق المغربية.
وتُمكّن هذه المجسات من قياس درجة رطوبة التربة في أعماق مختلفة، مثل 15 و25 و40 سنتيمتراً، ما يسمح للفلاح بضبط توقيت السقي بدقة وتفادي الإفراط أو التأخر، وهما عاملان يؤديان إلى ضياع المياه أو تراجع الإنتاج.
وقدم أبركاني نموذجاً من تجارب تطبيقية أُنجزت على أشجار اللوز والزيتون، حيث أظهرت المعطيات الدورية للرطوبة أن تجاوز سقف معين (نحو 80 في المائة) يتسبب في فقدان الماء وتسربه بعيداً عن منطقة الجذور، فيما يدلّ الانخفاض إلى حدود 60 في المائة على بلوغ مرحلة تستوجب التدخل الفوري بالسقي، مؤكدا هذه التقنيات تمنح الفلاح رؤية دقيقة وموضوعية تحسّن مردودية استغلال الماء بشكل كامل.
وفي ما يتعلق بالنماذج الجديدة للتمويل، أبرز أبركاني أن طلبات العروض الوطنية باتت تفتح المجال أمام المشاريع البحثية المشتركة بين الفاعلين الفلاحيين والمهنيين والطلبة، خارج الإطار التقليدي للمؤسسات الأكاديمية مثل المعهد الوطني للبحث الزراعي.
وأوضح أن المشاريع التي تجمع الفلاحين بالشركات البحثية والجامعات تحظى بفرص أكبر للتمويل، مؤكداً أهمية الشراكات الدولية مثل التعاون مع فرق برتغالية في مجال الزيتون ضمن برنامج “أونجي بريما”.
وشدد على ضرورة مواكبة الفلاح للتطورات التقنية، مشيراً إلى أن إدخال تعديلات بسيطة على طرق العمل يمكن أن ينعكس إيجاباً على الإنتاج والتكلفة.
واختتم أبركاني مداخلته بالدعوة إلى تعزيز الشراكات بين الفلاحين والمؤسسات والقطاع الخاص لضمان انتقال المعرفة من مراكز البحث العلمي إلى الحقول، بما يرسخ فلاحة عصرية تعتمد على الابتكار وتستجيب لمتطلبات الاستدامة.





