لأول مرة في تاريخها.. الولايات المتحدة تصنف الفوسفاط المغربي كمعدن استراتيجي

حسين العياشي

أعلنت وزارة الداخلية الأمريكية، عن قائمة محدثة للمعادن الحيوية والاستراتيجية التي تعتبرها ضرورية لأمنها الاقتصادي والوطني. وقد شملت القائمة هذه المرة عشرة معادن جديدة، من بينها الفضة والنحاس واليورانيوم والفحم المعدني والسيليسيوم.. غير أن المفاجأة الأبرز تمثلت في إدراج الفوسفاط لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة ضمن هذه اللائحة الاستراتيجية.

هذا القرار الأمريكي يحمل في طياته دلالات جيو-اقتصادية عميقة، إذ يعكس الوعي المتزايد بأهمية الفوسفاط في ضمان الأمن الغذائي العالمي، باعتباره عنصراً أساسياً في صناعة الأسمدة، ومورداً لا غنى عنه في دعم الإنتاج الزراعي. وإدراجه ضمن المعادن الحيوية يعني ببساطة أن واشنطن باتت تنظر إليه كعنصر استراتيجي لا يقل أهمية عن النفط أو الغاز أو اليورانيوم.

وتتجه الأنظار بعد هذا القرار نحو المغرب، الذي يعد القوة العالمية الأولى في مجال الفوسفاط، إذ يمتلك ما بين 70 و75% من الاحتياطي العالمي المعروف، بما يناهز 50 مليار طن، متقدماً بفارق شاسع على الصين التي لا تتجاوز احتياطياتها 3.2 مليارات طن. هذا المعطى يجعل المملكة لاعباً محورياً في المعادلة الجديدة لتأمين الموارد الحيوية في العالم.

من هذا المنطلق، يرى مراقبون أن إدراج الفوسفاط في القائمة الأمريكية سيفتح الباب أمام تعزيز التعاون بين واشنطن والرباط في مجال الطاقة والمعادن الحيوية، خاصة في ظل التحولات التي يشهدها السوق العالمي للأسمدة، والبحث عن شراكات موثوقة ومستقرة في إفريقيا.

كما يُنتظر أن يعزز هذا القرار موقع مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط (OCP) كإحدى الركائز الكبرى للاقتصاد المغربي، وواحدة من المؤسسات الأكثر تأثيراً على الصعيد الدولي، ليس فقط في تصدير الفوسفاط الخام، بل أيضاً في تطوير الصناعات التحويلية والأسمدة المبتكرة التي تواكب التحول نحو الزراعة المستدامة.

بهذا المعنى، لا يُعد إدراج الفوسفاط في قائمة المعادن الحيوية الأمريكية مجرد إجراء إداري، بل هو اعتراف دولي متجدد بأهمية المغرب في خريطة الأمن الغذائي العالمي، ورسالة واضحة بأن مستقبل العلاقات الاقتصادية بين الرباط وواشنطن يسير نحو مرحلة جديدة، عنوانها الشراكة الاستراتيجية في موارد الأرض التي تصنع غذاء العالم.