ما بعد البكالوريا.. مسار لإثبات الذات

 

خديجة بنيس: صحافية متدربة

تُعتبر مرحلة الجامعة منعطفًا حاسمًا في حياة الطلبة، حيث يبدأ الطلاب بتحديد مسار تعليمي واضح بعد اجتيازهم اختبارات البكالوريا بنجاح. في هذه المرحلة، يخطو الطالب خطواته الأولى نحو تحقيق طموحاته العلمية، متطلعًا إلى الدراسات العليا ومتخصصًا في مجالات جديدة، مما يفتح آفاقًا واسعة في مسيرته التعليمية والمهنية.

يجد الطالب الجامعي نفسه في عالم جديد مليء بالتحديات والمسؤوليات، قد تبدو أكبر من طاقته وإدراكه. مع مرور الوقت، تتزايد المسؤوليات وتتوالى الأحداث، مما يعجل بنضوجه بشكل غير متوقع. يصبح الطالب مضطراً للاعتماد على نفسه في مختلف جوانب حياته، سواء في تنظيم حياته اليومية أو اتخاذ قرارات مصيرية أو مواجهة التحديات الدراسية والمعيشية.

في بعض الأحيان، يضطر الطالب لمواجهة هذه المسؤوليات بمفرده، خاصةً إذا تطلب الأمر السفر بعيدًا عن الأهل والعيش بمفرده. هذا الانفصال عن البيئة العائلية الآمنة قد يضعه في مواقف تحتاج إلى تكيف سريع ونضوج عاطفي، خاصة إذا لم يتلق الدعم النفسي أو التوجيه اللازم من أسرته قبل هذه التجربة. بالأمس كان طفلًا محاطًا بعائلته، واليوم هو مطالب باتخاذ قرارات مصيرية قد تؤثر على مستقبله.

في هذا السياق، يتحدث المتخصص في تحليل الإضرابات النفسية، بوشعيب الباز، عن تأثير هذه التحديات على نفسية الطلبة، مشيرًا إلى أنها قد تُشكل مصدر إلهام ودافع للنجاح. إذ يتمكن بعض الطلبة من تحويل العقبات التي تواجههم، سواء كانت مادية أو نفسية، إلى دوافع تدفعهم نحو تحقيق أهدافهم الأكاديمية والمهنية.

يمكن لهذه التجارب أن تكون دافعًا قويًا نحو التفوق، حيث يتعلم الطلاب كيفية تجاوز الصعوبات والتكيف مع الظروف الجديدة، وهذا التكيف يسهم في بناء شخصية قادرة على مواجهة أي عقبة في المستقبل.

وفقًا للمتحدث، فإن التوتر الناتج عن مواجهة المسؤوليات الجديدة والشعور بالانفصال عن الأهل، بالإضافة إلى الضغوط الأكاديمية والاجتماعية، يمكن أن يترك آثارًا سلبية على الصحة النفسية، مما يستدعي توفير الدعم النفسي والإرشاد للطلاب خلال هذه المرحلة الانتقالية.

على الجانب الآخر، هناك طلبة يستغلون هذه التحديات كفرص للنمو، حيث يستفيدون من الضغوط التي يواجهونها لتحفيز أنفسهم على تحقيق أهدافهم، هؤلاء الطلاب يتعاملون مع الصعوبات كحافز يدفعهم لتطوير مهاراتهم وبناء شخصياتهم، مما يعزز ثقتهم بالنفس.

يضيف المتحدث أن الأثر النفسي الناتج عن الإحباطات والصعوبات قد يؤدي إلى بناء شخصية قيادية قادرة على اتخاذ قرارات بحكمة.

الطلاب الذين يواجهون هذه الصعوبات يتمكنون من إدارة حياتهم بكفاءة عالية، مستفيدين من تجاربهم الصعبة، مما يجعلهم أكثر قدرة على النجاح مقارنة بأقرانهم.

أخيرًا، يشير المحلل النفسي إلى أن تحويل الصعوبات التي يواجهها الطلبة إلى حافز إيجابي يعتمد بشكل كبير على التربية الأسرية والمحيط العائلي. هذه العوامل تلعب دورًا محورياً في قدرة الطالب على التعامل مع التحديات وتحويلها إلى فرص للنمو الشخصي والتطور الأكاديمي. عندما يتلقى الطالب الدعم الأسري القوي وتربية تعزز ثقته بنفسه، يصبح أكثر قدرة على مواجهة الصعوبات بفعالية، مما ينعكس إيجابيًا على مسيرته الدراسية وحياته المستقبلية.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى