مطرح نفايات وجدة: مشروع واعد على الورق ومعاناة مستمرة على الأرض

زوجال قاسم
عاد ملف المطرح العمومي بوجدة إلى الواجهة من جديد، رغم إطلاق صفقة جديدة تقدر بـ104 مليار سنتيم تهدف إلى معالجة عصارة النفايات وتحسين الوضع البيئي في المدينة. ورغم الآمال التي عُقدت على هذا المشروع الذي يعتمد تقنيات حديثة للفرز والمعالجة، فإن الواقع يبدو أكثر تعقيداً، حيث لا تزال نفاياته تؤثر سلبا على محيطة سواء على التسربات التي مست الفرشة المائية أو الروائح الكريهة المنبعثة عنه، لتستمر معاناة سكان الأحياء المجاورة، مما يثير تساؤلات حول فعالية المشروع وأسباب استمرارية هذه المشكلة البيئية المزمنة، دون معالجة.
إن المطرح العمومي في وجدة كان يُعتبر في السابق أحد النماذج الرائدة في مجال استخلاص البيوغاز لتوليد الطاقة، لكن ذلك لم يكن كافياً لمعالجة تأثيراته البيئية السلبية. فعلى الرغم من محاولات سابقة باستخدام تقنية التبخر للتخلص من العصارة، إلا أن هذه الطريقة لم تُعالج المشكلة بشكل جذري، بل أدت إلى تفشي الروائح الكريهة التي اجتاحت الأحياء المجاورة، مما زاد من المخاطر التي تهدد السلامة الصحية للساكنة.
التحدي الأكبر اليوم، يكمن في مدى قدرة الشركة المكلفة بتنفيذ المشروع على الوفاء بالوعود التي تم الإعلان عنها، وخاصة فيما يتعلق بمعالجة العصارة وتهيئة وحدات الفرز وفق المعايير البيئية المتفق عليها. ففي تصريح له لموقع “إعلام تيفي”، أكد محمد بنعطا، منسق التجمع البيئي لشمال المغرب، أن نجاح هذا المشروع لا يعتمد فقط على التقنيات المستخدمة، بل على التزام الشركة بتنفيذ الاستثمارات الضرورية مثل المختبرات والمعامل الخاصة بمعالجة العصارة، التي كانت غائبة في النظام السابق. وأضاف أن العملية كانت تعتمد على التبخر فقط للتخلص من العصارة، وهو ما أدى إلى انتشار الروائح بشكل واسع، ما أثر بشكل مباشر على حياة السكان في المنطقة.
وفي وقت ما زالت فيه معاناة السكان قائمة، يقول أنس خالد، رئيس منظمة الغد للطفولة والشباب، في تصريح ل”إعلام تيفي”، إن الوضع أصبح لا يُطاق، حيث باتت الأسر التي تقطن بالقرب من المطرح تفكر في الانتقال إلى مناطق أخرى إن سنحت لها الفرصة، خصوصاً أن الأطفال وكبار السن هم الأكثر تأثراً. ويعتبر خالد أن ما يحدث هو “انتهاك لحق الساكنة في بيئة سليمة وآمنة”، ويشدد على ضرورة أن تتحمل السلطات المحلية مسؤوليتها في تنسيق الجهود لحل هذه المشكلة المزمنة.
الأزمة الحالية تكشف عن فجوة واضحة بين المشاريع البيئية الطموحة والواقع الذي يعيشه المواطنون، حيث لا يزال سكان الأحياء المجاورة يعانون من الروائح الكريهة التي تخنق أنفاسهم على مدار الساعة، خاصة خلال فصل الصيف عندما ترتفع درجات الحرارة. ورغم بعض المبادرات التي أطلقتها الجماعة لتقليص آثار النفايات الهامدة، من خلال تخصيص ثلاثة مواقع جديدة للتخلص من مخلفات البناء والردم، إلا أن ذلك يبقى حلاً جزئياً لا يعالج جوهر المشكلة المتعلق بمعالجة العصارة التي تلوث البيئة بشكل أكبر.
يبقى ملف المطرح العمومي بوجدة اليوم اختباراً حقيقياً للمجلس الجماعي وقدرته على استعادة الثقة لدى الساكنة في تدبير الملفات البيئية. نجاح المشروع الكبير لمعالجة عصارة النفايات يعتمد على قدرة الشركة المكلفة على الوفاء بالتزاماتها وتنفيذ الحلول المعلنة بكفاءة. إذا لم تتحقق هذه التوقعات، فإن المشروع سيبقى في خانة الحلول الترقيعية التي فشلت في التخفيف من معاناة المواطنين.
وتجدر الإشارة، أن في سياق تغطيتها للقضية، بذل موقع “إعلام تيفي” جهودا فائقة للتواصل مع الجهات المسؤولة والمتداخلة في هذا الموضوع عبر قنوات الاتصال الممكنة، غير أن هذه الجهود لم تثمر عن أي تجاوب. متسائلين معكم، ما محل مبدأ ربط المسؤولية والمحاسبة عند هؤلاء؟