مكناس.. خروقات عمرانية، احتلال الملك العمومي، وتفتيش يلوّح بزلزال سياسي

حسين العياشي
العاصمة الإسماعيلية مكناس تعيش أياماً حاسمة، بعد أن فجّرت تقارير محلية سلسلة فضائح مرتبطة بالعمران والتدبير الحضري، دفعت وزارة الداخلية إلى إيفاد لجنة تفتيش خاصة بأمر من الوزير عبد الوافي لفتيت. الخروقات تتراوح بين تشييد محلات قرب السور التاريخي للمدينة، إقامة قاعة أفراح بدون ترخيص بجوار الإقامة الملكية، احتلال الملك العمومي، فيما تلوح ارتدادات سياسية قد تطال مسؤولين محليين وإداريين بارزين.
مصادر محلية أكدت ل”إعلام تيفي”، أن اللجنة الوزارية شرعت في الاستماع إلى مسؤولي التعمير بالعمالة واطلعت على ملفات مثيرة للجدل، قبل أن تنتقل إلى مقر الجماعة لمساءلة رئيس المجلس، عباس المغاري، ونوابه وعدد من الموظفين. القلق الرسمي يتركز بشكل خاص حول التجاوزات في محيط الإقامة الملكية، والتي اعتُبرت مؤشراً خطيراً على تهاون السلطات المحلية.
لكن الخروقات العمرانية ليست سوى وجه واحد للأزمة. فمكناس تواجه أيضاً إشكالية احتلال الملك العمومي، حيث دأبت السلطات المحلية في السنوات الأخيرة على تحرير مساحات حيوية بالمدينة، في مقدمتها السوق غير المهيكل لبرج مولاي عمر، الذي ظل عصياً على كل محاولات التفكيك والتنظيم. ورغم التدخلات المتكررة، بقيت الفوضى العمرانية والاقتصادية تطبع هذا الفضاء، بما يشكله من عبء على السير والجاذبية الحضرية. البارحة فقط، أقدمت السلطات على هدم بنايات عشوائية كانت تعرقل حركة المرور في محاور رئيسية، في خطوة عكست حجم الضغط المتزايد لمعالجة الظاهرة.
إلى جانب ذلك، يترقب قضاة المجلس الجهوي للحسابات تقرير المفتشية العامة للشروع في افتحاص معمق، خصوصاً لأنشطة “جمعية الأعمال الاجتماعية لموظفي الجماعة”، المتهمة باستغلال الدعم العمومي وعائدات قاعة الحفلات في أنشطة خارج اختصاصها.
التقرير المرتقب قد يكشف خريطة كاملة من التجاوزات في رخص البناء، خاصة بمنطقة “روامزين” المصنفة محظورة عمرانياً لقيمتها التاريخية. أصوات من المعارضة والأغلبية نفسها سبق أن دقت ناقوس الخطر، محذرة من تراخيص منحت في ظروف ملتبسة بعدما رفضتها مجالس سابقة.
بين التعمير العشوائي، احتلال الملك العمومي، وسوء تدبير المال العام، يبدو أن مكناس تقف على أعتاب زلزال سياسي وإداري قد يعيد ترتيب المشهد المحلي برمته.