منيب تنتقد أعطاب المنظومة الانتخابية وتقترح إصلاحات جذرية لرد الاعتبار للسياسة

حسين العياشي
عادت نبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، لتضع يدها على ما تعتبره “الأعطاب العميقة” التي تعيق انخراط المواطنين في الحياة السياسية، رغم وجود أكثر من 35 حزباً مرخصاً، في وقت تتصاعد فيه مؤشرات العزوف السياسي بالمغرب. متسائلة بحدة، عن جدوى هذا العدد الكبير من التنظيمات الحزبية، إذا كانت عاجزة عن تأطير المواطنين أو تحفيزهم على التسجيل والتصويت، معتبرة أن المشهد السياسي يعيش حالة “عقم” هيكلية.
ويرى محللون أن إشارات وزير الداخلية الأخيرة، خلال لقائه بزعماء الأحزاب، حول ضعف استقطاب الكفاءات، تعكس إدراك السلطات لحجم الاختلالات البنيوية، لكنهم يشككون في قدرة هذه الدعوات وحدها على تغيير المعادلة، في ظل استمرار ممارسات انتخابية قائمة على الولاءات الضيقة و”تجار الانتخابات” بدل الكفاءات الفعلية.
في هذا السياق، حذرت منيب من أن بعض الأحزاب قد تلجأ، تحت ضغط الحاجة للكفاءات، إلى الانفتاح على “التقنوقراط” بدل الاستثمار في مناضلين حقيقيين، خلافاً لنهج حزبها الذي يمنح التزكيات الانتخابية لأطره الحزبية من شباب وشابات ذوي مؤهلات عليا. بالنسبة لها، الكفاءة لا تعني الشهادات وحدها، بل تتطلب مصداقية ونزاهة، ثم وعياً سياسياً يقي البلاد من التأثيرات الخارجية ويحسن أداء المؤسسات المنتخبة.
وفي الساق ذاته، انتقدت بشدة الأحزاب التي “أغرقت المشهد بأشخاص لا يمثلون المجتمع”، معتبرة كونهم لا يملكون سوى هياكل ضيقة متمثلة في المكاتب السياسية، ما يدفعهم إلى الاعتماد على “تجار الانتخابات” أو كما وصفتهم بـ”صحاب الشكارة”.
من جهتهم، اعتبر خبراء ومحللون، أن انتقاد منيب لهيمنة المكاتب السياسية الضيقة على القرار الحزبي، واستعانتها بمصطلح “صحاب الشكارة”، يعكس أزمة تمثيلية حقيقية، حيث تغيب القواعد الشعبية المنظمة، وتتحول الانتخابات إلى منافسة مالية لا سياسية.
أما على مستوى الإصلاحات المقترحة، فقد أعادت منيب طرح جملة من الأفكار التي سبق لحزبها، أن تقدم ببعضها قبل انتخابات 2021 دون أن تلقى تجاوباً، رغم أهميتها، ومن بينها:
- اعتماد البطاقة الوطنية للتصويت، كحل عملي لتبسيط العملية وضمان ضبط الناخبين.
- تركيب كاميرات في مكاتب التصويت، لردع أي محاولات للتلاعب أو التزوير.
- تقليص عدد مكاتب التصويت، إذ ترى أن 49 ألف مكتب حالياً يستحيل مراقبتها جميعاً، مستشهدة بتجارب في أمريكا اللاتينية حيث قُلّص العدد لضمان إحكام الرقابة.
- إحداث هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات إلى جانب وزارة الداخلية، بما يعزز الثقة في نزاهة العملية.
- إعلان نتائج الانتخابات مكتباً بمكتب، وقدمت مثالاً بدولة إفريقية كانت تعاني من تزوير وتأثيرات خارجية، فابتكرت منصة “راديو الشعب” التي تبث نتائج كل مكتب على التوالي، ما سمح للمواطنين بالمشاركة في احتساب الأصوات ومتابعتها حتى جمعها وطنياً، وهو ما أفرز نتائج شفافة وأوقف الممارسات السابقة.
- ضمان المساواة بين الأحزاب في التمويل والولوج للإعلام، مع رفض منح امتيازات للأحزاب الكبرى على حساب الصغرى.
- منع رموز الفساد من الترشح، باعتباره شرطاً أساسياً لضمان مصداقية الاستحقاقات المقبلة.
ويخلص محللون إلى أن مقترحات منيب، رغم واقعيتها في بعض الجوانب، تصطدم بثلاثة تحديات كبرى: غياب الإرادة السياسية لتغيير قواعد اللعبة، ضعف الثقافة الديمقراطية داخل الأحزاب، ومقاومة المستفيدين من الوضع القائم لأي إصلاحات تهدد مواقعهم. في المقابل، يرى آخرون أن النقاش الذي تثيره حول شفافية الانتخابات قد يساهم في إعادة جزء من الثقة المفقودة بين المواطن والسياسة، إذا ما تبعته خطوات عملية على الأرض.