مونديال 2030 لا يكفي: خبراء يحذرون من اختلالات التعليم والصحة

حسين العياشي
تترقب الأوساط الاقتصادية والمالية، يوم 26 شتنبر الجاري، قرار وكالة التصنيف الدولية S&P بشأن جودة التوقيع السيادي للمغرب. موعدٌ يتجاوز الأبعاد التقنية لتقييم المديونية العمومية، ليطرح سؤالا أعمق: هل ستنجح المملكة في الاستفادة من مظلة تنظيم كأس العالم 2030 أم أن رهاناتها الاقتصادية ستظل أسيرة اختلالات هيكلية؟
بعيدا عن الخطاب الرمزي، يؤكد خبراء أن تقييم S&P لن يقتصر على مؤشرات المالية العمومية، بل سيمتد إلى قدرة النسيج الاقتصادي على الحفاظ على ثقة المستثمرين وضمان استدامة الإصلاحات. وهنا يشير حركات إلى أن “جوهر الإشكال يرتبط بالحكامة الاقتصادية، طالما ظلت مواقع الريع والتحكم في التمويل عائقا أمام دينامية السوق”.
تقرير بنك المغرب السنوي كشف أن الدين العمومي المباشر للخزينة بلغ 67,7% من الناتج الداخلي الخام سنة 2024، أي ما يعادل 1.081,6 مليار درهم. اللافت أن أكثر من 50% من هذا الدين ممول من السوق الداخلي، في مقابل 16,9% فقط مصدره الخارج، وهو ما يمنح للخزينة نوعا من الاستقرار إزاء تقلبات سعر الصرف ويوفر قاعدة واسعة من الدائنين المحليين.
كما أن جدولة الديون تمتد آجالها بشكل يقلص مخاطر إعادة التمويل ويمنح للخزينة رؤية أوضح على المدى المتوسط. غير أن هذه المظاهر الإيجابية لا تحجب هشاشة قائمة: فالدين الخارجي يناهز 270 مليار درهم، أي ما يمثل 16,9% من الناتج الداخلي، ويزداد ثقلا مع ارتفاع أسعار الفائدة العالمية.
في هذا السياق، يبرز عنصر آخر لا يقل أهمية: رصيد احتياطات العملة الصعبة، الذي يغطي حاليا حوالي خمسة أشهر من الواردات. رقم يُعتبر “مطمئنا نسبيا”، وفق تقديرات بنك المغرب، لكنه قد لا يصمد طويلا أمام أي صدمة ممتدة سواء في أسعار الطاقة أو في المبادلات التجارية.
بل من المحللين الاقتصادين من ذهب أبعد من ذلك، معتبرا أن “المديونية تحرم البلاد من حوالي أربع نقاط نمو سنويا. السؤال المركزي هو: إلى متى يمكن للمغرب تحمل كلفة خدمة الدين دون التضحية بهوامش التنمية؟”.
المغرب يوجد حاليا عند الحد الأعلى من فئة BB+ مع نظرة مستقبلية إيجابية، بعد أن تمكن من تقليص عجز الميزانية، تثبيت مستوى الدين، وكبح التضخم. إلا أن هذه المكتسبات تبقى رهينة بالقدرة على تثبيتها عبر الزمن، وإثبات أن الاستثمارات المعلنة قادرة على تمويل نفسها، خاصة مع استمرار ثقل كتلة الأجور العمومية.
بكلمات أخرى، تصنيف S&P لن يكون مجرد مؤشر تقني، بل محطة فاصلة ستعكس صورة المغرب في أعين المستثمرين والأسواق: هل هو بلد قادر على تحويل التحديات إلى فرص، أم أن المونديال سيبقى مجرد مظلة رمزية لا تحجب الغيوم الاقتصادية الداكنة؟