نعوم: خطاب الملك يرصد التحولات ويقترح الحلول بعقلانية وذكاء استراتيجي

حسين العياشي
في قراءة تحليلية للخطاب الملكي بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لعيد العرش، أكد الدكتور عبد الفتاح نعوم، الباحث والمحلل السياسي، أن خطاب العرش لهذه السنة شكّل لحظة مفصلية في تشخيص التحديات وتقديم التصورات الاستراتيجية بشأن مستقبل التنمية في المغرب، والعلاقات الإقليمية، خصوصاً مع الجارة الجزائر.
ويرى الدكتور نعوم، أن جلالة الملك تناول في خطابه قضايا جوهرية تشكل “الوقود الحقيقي” الذي يحرك دينامية المغرب ويعزز موقعه كفاعل إقليمي محوري، مبرزاً في الوقت نفسه أن الملك، وكما عوّد المغاربة منذ توليه العرش، لا يتردد في وضع يده على الجرح وتسليط الضوء على التحديات بنفس الجرأة التي يتحدث بها عن النجاحات.
ويضيف المحلل، أن إشارات الملك الواضحة إلى وجود “مغرب يسير بسرعتين”، ليست فقط تشخيصاً، بل توجيه مباشر للنخب المسؤولة والحكومة لمعالجة الفوارق المجالية والاجتماعية بجدية وفي أقرب وقت. فرغم ما تحقق من منجزات تنموية واضحة، فإن المغرب لا يزال في حاجة إلى إصلاحات هيكلية مستمرة لردم الهوة المجالية وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وعن الشق الإقليمي من الخطاب، اعتبر نعوم أن النداء الملكي الموجّه إلى الجزائر، مجدداً سياسة اليد الممدودة، يعكس حكمة واستمرارية في الرؤية الملكية، خاصة وأن الخطاب جاء في توقيت سياسي حساس، يفرض التحلي بالمسؤولية لتفادي مزيد من التوتر في المنطقة.
كما أشار المتحدث، إلى أن هذا النداء ليس عاطفياً، بل يحمل رسائل سياسية عميقة تؤكد أن المغرب يتقدم رغم التجاوزات الصادرة عن النظام العسكري الجزائري، وأن خيار التعاون هو البديل الوحيد الذي يمكن أن يعود بالنفع على شعوب المنطقة. وأردف قائلاً: “لو اختار النظام الجزائري الانخراط بجدية في مبادرة حسن الجوار، لوفّر على بلاده الكثير من الكُلفة المادية والمعنوية، ولكان بإمكانه التركيز على تنمية الداخل بدل الاستمرار في تأجيج التوترات”.
أما فيما يتعلق بملف الصحراء المغربية، فأشار الدكتور نعوم إلى أن الخطاب الملكي أعطى إشارات بالغة الأهمية، تؤكد انفتاح المغرب على حل توافقي يحفظ ماء وجه الجميع، دون المساس بثوابته الوطنية. وأضاف أن الحكم الذاتي، الذي يحظى بدعم متزايد من القوى الدولية الكبرى، ليس فقط حلاً واقعياً بل مدخلاً لتجاوز حالة الجمود التي تعيشها المنطقة منذ عقود.
واختتم الدكتور نعوم تحليله بالتأكيد على أن المغرب لا يبحث عن نصر دبلوماسي فقط، بل يسعى إلى بناء منطقة مغاربية متكاملة ومزدهرة. فالنزاع المفتعل، الذي صنعته الجزائر، لم يكن سوى عائقاً أمام مشروع إقليمي واعد، والمغرب اليوم يُقدّم نموذجاً عقلانياً لحله من الجذور، من خلال خطاب هادئ، واقعي، وواضح المعالم.