هدم العشوائي بالبرنوصي.. أربعون سنة خارج القانون تنتهي بجرافات السلطة

حسين العياشي

شهدت منطقة البرنوصي بمدينة الدار البيضاء، صباح اليوم السبت 13 دجنبر الجاري، تدخّلًا ميدانيًا واسعًا قادته السلطات المحلية، همّ هدم بنايات عشوائية كانت تستغل كمحلات ومستودعات لبيع مواد البناء، في خطوة تندرج ضمن جهود محاربة البناء غير القانوني وإعادة تنظيم المجال الحضري.

وبحسب المعطيات المتوفرة، فإن هذه البنايات ظلت قائمة فوق أراضٍ مستغلة منذ ما يقارب أربعة عقود، دون أي تسوية قانونية أو احترام للمساطر الجاري بها العمل في ميدان التعمير. وعلى امتداد هذه السنوات الطويلة، استمرت الأنشطة التجارية المرتبطة بها خارج الإطار القانوني، دون أن تستفيد الخزينة العامة من أي مداخيل ضريبية، وهو ما يشكل خسارة مالية معتبرة للدولة، ويكرّس في الوقت نفسه اختلالًا واضحًا في مبدأ تكافؤ الفرص بين الفاعلين الاقتصاديين، خاصة أولئك الملتزمين بالقانون والواجبات الجبائية.

وقد جرت عملية الهدم تحت إشراف مباشر من السلطات المحلية، وبمشاركة عناصر الأمن الوطني والقوات المساعدة، في أجواء اتسمت بالانضباط والاستنفار الميداني لتنظيم التدخل وتأمين محيطه، دون تسجيل أي حوادث تُذكر. كما تم اتخاذ التدابير اللازمة لضمان سلامة المواطنين وتنفيذ العملية وفق الضوابط المعتمدة.

ويأتي هذا التدخل في سياق سياسة أشمل تروم تعزيز هيبة القانون، والتصدي لمظاهر الترامي على الملك العمومي، إلى جانب تشجيع الأنشطة الاقتصادية المهيكلة التي تساهم في التنمية المحلية وتؤدي ما عليها من التزامات ضريبية، بما يضمن عدالة المنافسة ويحفظ التوازنات الاقتصادية والاجتماعية داخل النسيج الحضري.

في المقابل، عبّر عدد من المتضررين عن استيائهم من القرار، معتبرين أن هذه الأنشطة تشكل مصدر رزقهم الوحيد منذ سنوات طويلة، ومطالبين بإيجاد حلول بديلة أو فتح باب تسوية أوضاعهم القانونية، بما يراعي البعد الاجتماعي إلى جانب احترام القانون.

ويعيد هذا الحدث إلى الواجهة إشكالية تنظيم المجال الحضري وربط المسؤولية بالمحاسبة، باعتبارهما من أبرز التحديات المطروحة أمام السياسات العمومية، في أفق تحقيق تنمية عادلة ومتوازنة، تحترم القانون، وتصون في الوقت ذاته حقوق مختلف الأطراف، بين متطلبات النظام العام والاعتبارات الاجتماعية والاقتصادية.