وزارة الصحة بين الآمال الكبيرة والواقع المربك


بقلم: زينب تميم العلوي

*مهندسة و عضوة بحزب الحركة الشعبية

منذ توليه حقيبة الصحة، رفع الوزير الحالي شعارات كبرى توحي بإصلاح شامل وعاجل للقطاع. لكن بعد مرور وقت معتبر، يحق للمواطن أن يتساءل: أين النتائج الملموسة؟ وأين التغيير الذي وُعِدنا به؟

أول ما يثير الاستغراب هو أن بعض زيارات الوزير للمستشفيات جاءت فقط بعد تصاعد الاحتجاجات وارتفاع أصوات الغاضبين. فحين اشتعلت المظاهرات أمام أحد المراكز الصحية الكبرى، هرع الوزير فجأة لتفقّد الوضع. هذا السلوك يوحي بأن تحركاته ليست جزءًا من خطة استراتيجية ثابتة، بل استجابة ظرفية لضغوط الشارع. هل من المقبول أن تنتظر وزارة حيوية مثل الصحة حتى تصل الأمور إلى أزمات علنية قبل أن تتحرك؟

ثم هناك الواقع اليومي في المستشفيات العمومية: أقسام مكتظة، نقص في الأطر الصحية، معدات متقادمة، وقاعات انتظار تُشعر المرضى بالإهمال. كل هذه الاختلالات لم تُعالج بعد، بل يبدو أحيانًا وكأن الوزارة تكتفي بتصريحات إعلامية وصور رسمية بدل العمل العميق المطلوب.

ويجب التذكير بأن واجب الوزير الحالي، وبمسؤوليته الشخصية وحده، أن يُكمِل ما بدأه الوزير السابق من إصلاحات، وأن ينهي كل الملفات التي فُتِحت وتم إصلاح جزءٍ منها في عهد سلفه. كان من المفترض أن يواصل السير على نفس النهج، لا أن يترك الإصلاحات تتعثر أو تتوقف. المتابعة والاستمرارية هنا ليست خيارًا بل واجبًا وطنيًا وأخلاقيًا، لأنها تمس صحة المواطنين مباشرة.

لا أحد ينكر أن إصلاح القطاع الصحي مهمة معقدة تتراكم فيها مشاكل تاريخية، لكن الوزير هو المسؤول الأول عن تقديم حلول حقيقية لا مجرّد ردود فعل. غياب التخطيط الاستباقي والاعتماد على التحركات المتأخرة يهدد ثقة المواطنين في المؤسسات الصحية ويزيد الإحباط لدى العاملين في القطاع.

ختامًا، الإصلاح الحقيقي لا يُقاس بعدد الزيارات الميدانية التي تأتي بعد احتجاجات، ولا بعدد التصريحات التي تُطلق في وسائل الإعلام، بل يُقاس بقدرة الوزارة على تقديم رعاية صحية تليق بالمواطن، وتخفيف معاناته اليومية في المستشفيات العمومية. الوقت لم يعد يسمح بالمجاملات أو التأجيل، فالقطاع الصحي بحاجة إلى قيادة حازمة ورؤية عملية تُعيد له عافيته وتضع صحة المواطن في صدارة الأولويات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى