وهبي: أعتقد أنني أصبحت الوحيد في الأغلبية بينما تحول الجميع إلى المعارضة

حسين العياشي

انطلقت اليوم أشغال مجلس النواب بجلسة عامة للأسئلة الشفوية، التي ركّزت في محورها الأول على قطاع العدل. كانت الجلسة مفعمة بالحيوية والنقاشات الساخنة، حيث توجه العديد من النواب بأسئلة قوية إلى وزير العدل عبد اللطيف وهبي. وما كان لافتاً، أن أغلب هذه الأسئلة جاءت من نواب الأغلبية البرلمانية، مما دفع الوزير إلى تصريح غير مسبوق خلال الجلسة، حينما قال بشكل صريح إنه “أصبح الوحيد الذي لا يزال في صف الأغلبية، بينما انتقل الجميع إلى صف المعارضة”. ورغم أن هذا التصريح بدا للوهلة الأولى مفعماً بنبرة ساخرة، إلا أن دلالاته العميقة كانت أكثر وضوحاً من أي وقت مضى.

ما لا يمكن إنكاره هو أن هذا التغيير في المواقف، يعكس التحولات الكبيرة التي يشهدها المشهد السياسي المغربي في ظل الأحداث الأخيرة والنقاشات المجتمعية التي أثيرت، خاصة من طرف جيل زد الذي يعبر عن توجهات جديدة تتجاوز كل ما هو تقليدي.

هذه التحولات لم تقتصر فقط على المواقف السياسية داخل البرلمان، وإنما امتدت لتشمل الحكومة والمجالس المحلية أيضاً، حيث بدا أن الانقسامات باتت تزداد وضوحاً بين مكونات الأغلبية. بل إن بعض المنتخبين أنفسهم أصبحوا غير قادرين على الدفاع عن السياسات التي تمثلها أحزابهم، ومنهم من بادر بتفديم استقالته، تجنبًا للوقوع في صدام مع مشاعر الشارع الذي أصبح أكثر نقمة على الأداء الحكومي.

ما هو أكثر إثارة للدهشة هو هذا التحول الغريب في الخطاب السياسي، لبعض منتخبين الذين كانوا في السابق يتغنون بالإنجازات الحكومية. هؤلاء أنفسهم الذين ظلوا يرفعون شعارات “المنجزات”، أصبحوا اليوم يتبنون خطاب المعارضة، منتقدين الوضع القائم ومؤكدين وجود اختلالات واضحة، الأمر الذي لم يعتد عليه المواطن طوال أربع سنوات الماضية.

هذا التغيير المفاجئ في المواقف يثير الكثير من التساؤلات، ويكشف عن عمق الارتباك في المشهد السياسي الذي لم يعد قادراً على احتواء التحولات السريعة في المزاج العام، خاصة وأن الأحزاب السياسية قد دخلت المنعطف الأخير الذي يسبق الانتخابات التشريعية.

قد يكون الوزير وهبي قد عبر عن واقع سياسي قد يكون صاخباً في ظاهره، لكنه يعكس أزمة عميقة تعيشها الأغلبية البرلمانية وحكومتها. تلك الفجوة التي تزداد اتساعاً بين الحكومة والشعب، وبين الأحزاب ومنتخبيها، تحمل في طياتها الكثير من علامات الاستفهام حول قدرة الأحزاب السياسية على مواكبة متغيرات المجتمع واحتياجاته المتجددة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى