فعلا الخيل مربوطة والحمير كتبورد.. متى “تُضمس كارطة” نخب بلادنا؟

0

مراد المغربي
من يتابع الهرطقات التي يتفوه بها أنصاف المتعلمين والجهلة، والذين يملؤون الإذاعات الخاصة، وتفتح أمامهم ميزانيات المؤسسات الإعلامية، وتستقبلهم أرائك الفنادق الفخمة وحتى كاميرات التلفزيونات العمومية، وكل ذلك بتعويضات مالية سخية، وإسباغ ألقاب الخبراء عليهم، قد يصيبه الغثيان، إن لم يفقد الأمل في هذه البلاد، والتي يبذل عاهلها وفريق مستشاريه وكبار رجالات الدولة مجهودات ضخمة لفسح الطريق أمام الشباب المتعلم خريج الجامعات، وأمام الأطر الحية الكفؤة لتأطير الرأي العام، في حين يصر من يمسكون صنابير بعض المؤسسات الاعلامية على الاستعانة بكل جاهل يقطر به سقف الفوضى.
فكيف يعقل أن تفتح الأبواب أمام ذوي الألسن المبتذلة، ممكن يتلذذون بالركون الى التهريج وحتى السب والشتم، بل ومنهم من لا يجد غضاضة في تقديم “داخلة طول وعرض” على الهاتف وهو جالس في حانة، ثم يسارع إلى الهجوم على دولة صديقة باستعمال عبارات نابية، أو آخر لا يتورع عن مهاجمة كل مسؤول لم يقدم له شيئا، والتطبيل لمن منحه اي شيء، المهم أن لا يكون يستحقه، وكأن هذا البلد الأمين ليس فيه الدكتور عبد الله ساعف، ومحمد الطوزي، وحسن رشيق، وتاج الدين الحسيني، من أصحاب الفكر العميق واللغة الراقية، والحس الوطني النبيل.
يبدو ان التنطع وحديث التافهين في الشؤون العامة قد أصبحا ملازمين لعصرنا هذا في بلدنا هذا، وإلا كيف يطيب لأصحاب تلك الاذاعات والمواقع الالكترونية ان تعطي مفاتيحها لأشخاص لا يعرف لهم أحد تكوينا علميا، ولا شهادات جامعية، ولم يكتبوا كتابا واحدا منشورا في أحد المراكز التي يشرف عليها المتخصصون، بل وليس لديهم ولو دراسة صغيرة في رصيدهم، منشورة في إحدى المجلات المتخصصة التي يشرف عليها الأكاديميون المحترمون من قبيل الأسماء العملاقة التي ذكرناها آنفا.
أليس من مسؤولية هذه المنابر أن تأتي بمن بإمكانهم تنوير الرأي العام الوطني والرفع من الذوق العام، وتقديم المعلومات الدقيقة والتحليلات الرصينة؟، وليس الاتيان بمن لا يستحق حتى ان يكون مستمعا، من هؤلاء الضعفة، فبالأحرى ان ينظًر على مسامع ومرأى الناس، مطلقا العنان لجهله، ثم أين هو دور الجهات الوصية المسؤولة عن تنقية فضائنا الإعلامي من هذه الكائنات، أم أنها تخشى من عربذاتهم، لاسيما ومنهم من بات يمتلك إذاعات، ولا يكف عن الكذب والزعم بأن له ظهيرا ما في الدولة؟.
إن لم تستح فاصنع ما تشاء، هذا هو المثل العربي الأصدق بخصوص ما أسلفناه، ومن أسلفنا الحديث عنهم، وسنأتي عليهم واحدا واحدا في هذا النبش، حتى ننهي زمن المال السايب، ورويبضات العصر، وكل الأمل أن يتخلى المثقفون الحقيقيون الكبار عن بعض نخوتهم وينزلوا لإمساك تلابيب المجال الاعلامي، والقيام بمسؤولية تأطير الرأي العام، وقطع الطريق على الرويبضات الجهلة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.