خطبة اليوم تنهى عن “احتكار السلع والتلاعب بالأسعار” في أوج أزمة الغلاء

إعلام تيفي

0

دعا أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، في مذكرة له مندوبي الشؤون الإسلامية إلى تعميم خطبة موحدة حول النهي عن احتكار السلع والتلاعب بالأسعار.

يأتي ذلك، في أوج أزمة الغلاء التي تضعف القدرة الشرائية أكثر فأكثر لذوي الدخل المحدود، بينما تقول السلطات إنها نفذت إجراءات تهدف إلى التخفيف من تصاعد الأسعار في السلع الاستهلاكية، لاسيما الخضر والفواكه، على مقربة حوالي أسبوع من شهر رمضان.

وشدد التوفيق، على تبليغ الخطبة إلى جميع خطباء المساجد، وحثهم على وجوب التقيد بها وعدم التصرف فيها.

وتقول الخطبة إن “من الأعمال المنهي عنها شرعا الاحتكار للسلع والانتظار بها لغلاء الأسعار، وهو أمر قالت خطبة الأوقاف، إن ” النبي نهى عنه في قوله: “لا يحتكر إلا خاطئ. والخاطئ هو المذنب العاصي، والمؤمن لا يسعى في ما يدخله في جملة المذنبين الخاطئين” تشدد خطبة الأوقاف، كما “ورد في حديث آخر: “الجالب مرزوق والمحتكر ملعون”، والجالب هو الذي يأتي بالسلع إلى السوق، ويبيعها بسعر يومها، ثم يذهب لجلب سلع أخرى وهكذا، ويسمى في كتب الفقه: المدير؛ لأنه يدير تجارته وسلعه في الأسواق، ولا يحتكرها ليرصد بها الغلاء، والمحتكر عكسه، يشتري السلع ويخبئها منتظرا غلاء الأسعار، ولهذا تقول الخطبة، “استحق ما أشار إليه الحديث السابق من الطرد والإبعاد عند الله تعالى”.

وتتابع:”كفى المحتكر انحرافا أنه يحزن لرخص الأقوات، إذا فرح الناس، ويفرح لغلائها وشدة وقعها على الناس، كما روى الطبراني في معجمه عن معاذ بن جبل قال: سألت النبي عن الاحتكار ما هو؟ قال: “إذا سمع برخص ساءه، وإذا سمع بغلاء فرح به، بئس العبد المحتكر، إن رخص الله الأسعار حزن، وإن أغلاها فرح”.

وتؤكد الخطبة على أن سلوك الاحتكار، هو “خلاف المطلوب في قوله: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”.

وتوضح خطبة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، أن “احتكار السلع والتلاعب بالأسعار من المخالفات الشرعية التي تنافي التراحم والتعاطف والمودة الواردة في هذا الحديث النبوي، وتنافي كذلك ما دعا إليه الشرع من تخفيف معاناة المسلمين، وتفريج كرباتهم في مثل قوله: “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة”.

وتضيف أن “من أعظم أبواب تنفيس الكربات عن المسلمين اليسر والتيسير عليهم في معاشهم وعدم استغلال حاجاتهم وتقديم المساعدة لهم، خصوصا في مواسم الخيرات والنفحات، مثل شهر رمضان المبارك الذي ينبغي أن يكون أدعى للرحمة والشفقة على الناس، لا العكس، وترك الشح والبخل والشره المقيت، واعتبار ما يقوم به المسلم من العمل عبادة يتقرب بها إلى الله تعالى، عبادة كانت أو معاملة أو وظيفة، أو أي عمل كانت فيه مصلحة البلاد والعباد.

وتزيد الخطبة بالقول: “إن المعاملة التجارية مبنية على مجموعة من الأخلاق النبيلة، منها: الصدق والبيان، لقول النبي: “البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما”. فحسب الخطبة، فهذا الحديث “يبين أهمية الصدق في المعاملة. وشددت الخطبة على أن من “صور عدم الصدق في المعاملة أن تحتكر للناس سلعهم الضرورية التي هي غالب أقواتهم تتحرى غلاء أسعارها وارتفاع أثمانها، فليس ذلك من الصدق في شيء”.

ومن هذه الأخلاق التجارية تضيف خطبة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، “التيسير والسهولة والسماحة في المعاملة، كما قال النبي: “رحم الله عبدا سمحا إذا باع، سمحا إذا اشترى، سمحا إذا قضى، سمحا إذا اقتضى”. فقد دعا النبي للمتعامل بالرحمة، إذا كان متصفا بالسماحة والتيسير في معاملته، ومن لا يرحم لا يرحم. ومن ذلك اعتبار حاجات الناس والنظر إلى ظروفهم كما روى البخاري في صحيحه أن النبي، قال: “تلقت الملائكة روح رجل ممن كان قبلكم، فقالوا: أعملت من الخير شيئا؟ قال: لا. قالوا: تذكر. قال: كنت أداين الناس، فأمر فتياني أن ينظروا المعسر -أي يعطوه المهلة حتى يأتي بالثمن. ويتجوزوا عن الموسر، قال: قال الله، عز وجل: تجوزوا عنه، فنحن أحق بذلك منه”. ومعناه التجوز عن الموسر المسامحة في الاقتضاء والاستيفاء. فقد تجاوز الله عن هذا الرجل، مع أنه لم يعمل خيرا قط، إلا أنه يعامل مع الناس معاملة حسنة، فاستحق أن يتجاوز الله عنه.

فالعاقل، حسب خطبة الأوقاف دائما، “لا تُعميه الأنانية وحب الذات عن إسداء النفع للآخرين، ولا تفوته الفرصة في استحقاق تجاوز الله عنه بحسن معاملته، والدخول في رحمته تعالى. ولا يسهم في افتعال الأزمات بالاحتكار وحبس السلع والبضائع عن الناس طمعا في غلاء الأسعار، وتضارب الأسواق، بل يسهم في طمأنينة المجتمع وأمنه الغذائي بما يستطيع من تسهيل سبل حصول الناس على أقواتهم بأثمنة معقولة، وتيسير وصولهم إلى حاجاتهم بكل يسر وسهولة؛ لعل الله سبحانه وتعالى يتجاوز عنه ييسر أمره”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.