
فاطمة الزهراء ايت ناصر
كشف الخبير في السياحة زوبير بوحوث أن واقع السياحة الداخلية في المغرب يعيش مفارقة صادمة، حيث يجد ملايين المغاربة أنفسهم محرومين من الاستفادة من عطلتهم الصيفية، في ظل الارتفاع المهول في كلفة الإقامة والخدمات، مقابل دخل محدود لا يتيح حتى الحد الأدنى من الاستجمام.
وأوضح بوحوث ل”إعلام تيفي” أن أسعار الخدمات السياحية غير متناسبة مع القدرة الشرائية لغالبية الأسر المغربية، إذ إن شريحة واسعة من المواطنين “لا تستطيع السفر، ولا حتى البقاء داخل مناطقها الأصلية بشكل مريح، ناهيك عن زيارة العائلة أو استهلاك منتجات بسيطة كالأطعمة الخفيفة أو دخول المسابح”.
وأشار إلى أن هذا الوضع يُفضي إلى ضغط مرتفع على الطلب، وهو ما يؤدي بدوره إلى ارتفاع الأسعار سواء في الفنادق المصنفة أو في البيوت والمنازل العادية، وحتى في أبسط الخدمات.
وأكد الخبير ذاته أن التكلفة المرتفعة للعطلة الصيفية تدفع العديد من المغاربة إلى الانزواء داخل منازلهم، بينما لا يستفيد من هذه الفترة سوى فئات محدودة، أغلبها من ذوي الدخل المرتفع أو الجالية المغربية المقيمة بالخارج. أما المواطن البسيط، فغالبًا ما يعجز عن مجاراة النفقات، سواء تعلق الأمر بالإيواء أو النقل أو الترفيه.
وشدد بوحوث على أن السياحة الداخلية تُطرح كل صيف باعتبارها أولوية، غير أن التعامل معها يظل مناسباتيًا أكثر منه بنيويًا. وقال في هذا الصدد: “ليس كافيًا أن نصدر التصريحات ونتحدث عن اهتمامنا بالسياحة الداخلية، بل المطلوب هو معالجة جوهر الإشكال، أي العرض السياحي الضعيف والمحدود”.
ووفقًا لما أوضحه، فإن الطاقة الإيوائية المصنفة في المغرب لا تتجاوز 350 ألف سرير، منها نسبة مهمة غير متاحة فعليًا بسبب إغلاق بعض الوحدات، وهو ما يجعل الرقم الحقيقي يتراوح بين 280 و300 ألف سرير في أقصى التقديرات. وأضاف أن هذه الطاقة لا يمكن أن تواكب الطلب الداخلي والخارجي معًا، خاصة مع تزايد الوافدين من السياحة الدولية خلال فصل الصيف، حيث تستقبل المملكة ملايين الزوار.
وأشار بوحوث إلى أن الفنادق والمرافق الموجهة إلى السياح المغاربة لا تلائم طبيعة حاجياتهم، لأن أغلب الأسر المغربية عائلية وممتدة وتحتاج إلى عروض مرنة وبأسعار مناسبة، بخلاف السياح الأجانب الذين يملكون قدرة إنفاق أكبر.
وأكد أن استمرار هذا الواقع، دون معالجة هيكلية لضعف العرض وغياب البدائل، سيُفضي إلى ما نشهده اليوم: مغاربة يُقصَون من حقهم الطبيعي في العطلة، ومناطق سياحية غير مهيأة تستقبل آلاف الزوار دون بنيات أو خدمات ملائمة، مما ينعكس سلبًا على صورة السياحة الوطنية ككل.





