فاروق لايف.. صانع المحتوى الذي يحوّل قصص النجاح إلى وقودٍ لأحلام الشباب

حسين العياشي

في زمن تُغرق فيه منصات التواصل الاجتماعي عقول الشباب بمحتويات سريعة ومشتتة، برز “فاروق لايف” كاستثناء نادر. ليس لأنه من أشهر صناع المحتوى المغاربة المقيمين بالخارج فحسب، بل لأنه اختار منذ سنوات أن يجعل من حضوره الرقمي مساحة للأمل، ومساراً لإعادة تعريف النجاح بالنسبة لآلاف المراهقين والشباب المغاربة الذين يتابعونه بشغف.

رحلة فاروق لم تبدأ بهدف التأثير ولا بحساب كبير، بل بحكاية بسيطة تحولت إلى مشروع يلهم جيلاً كاملاً. ففي حديثه لموقع “إعلام تيفي”، عاد إلى اللحظة الأولى التي وُلد فيها هذا المسار، حين كان في بداية مساره بعالم “يوتيوب”، يتحدث بشغف عن الراب المغربي وعن الفنانين الذين يتركون بصمتهم خارج الحدود. وبما أنه يعيش في إسبانيا، كان حديثه كثيراً ما ينتهي عند النجم العالمي المغربي “Morad”.

وسط نقاش عادي مع أحد أصدقائه، طرح سؤالاً بدا بسيطاً في حينه: “من هو أصعب شخص ممكن دير معاه انترفيو؟”. جاء الجواب تلقائياً: Morad!! تلك اللحظة تحولت إلى شرارة التحدي. من مجرد فكرة عابرة إلى هاجس يرافقه كل يوم، استثمر فيها الجهد والوقت، وطرق عشرات الأبواب حتى تحقق الهدف أخيراً. نجح في الوصول إلى مراد، ونجح أكثر في اكتشاف هويته الجديدة: صانع محتوى يبحث عن الشخصيات التي لا تتحدث كثيراً، والتي يعتقد الجمهور أنها بعيدة المنال.

من ذلك الانتصار الصغير وُلد مفهوم جديد: مقابلات إنسانية قريبة من الناس، تكشف ما وراء الكاميرات وتُعرّف الجمهور على النجاحات التي نادراً ما تُروى تفاصيلها. ومع مرور الوقت، أدرك فاروق أن هذه الصيغة ليست مجرد محتوى، بل نافذة يمكن أن يرى الشباب من خلالها الواقع كما هو، لا كما يُقدَّم في القصاصات القصيرة.

ومنذ ذلك الحين، فتح فاروق أبواب محتواه أمام أسماء مغربية صنعت مجدها انطلاقاً من الصفر، أشخاص شقّوا طريقهم بأظافرهم حتى وصلوا إلى العالمية. استضاف المنتج العالمي ريدوان، الذي بدأ مسيرته في أحياء تطوان قبل أن يصبح واحداً من أقوى الأسماء في صناعة الموسيقى العالمية. وجلس أمام الحارس الدولي منير المحمدي، الذي انتقل من شاب عاش طفولة متواضعة في إسبانيا إلى أحد قادة المنتخب الوطني. كما حظي بلقاءات مع أسماء تركت بصمتها خارج الوطن.

في السياق ذاته، وبفضل نجاح محتواه، وصل فاروق حتى إلى النجم الإسباني جيرارد بيكيه، الذي فتح أبواب عالم “كينغز ليغ” ووسع دائرة تأثيره بشكل غير مسبوق. هذه اللقاءات لم تكن مجرد مقابلات؛ كانت دروساً مفتوحة في الإصرار، تُقدَّم لشباب لطالما اعتقد أن النجاح حكر على فئة معينة.

ومع اقتراب كأس إفريقيا للأمم ومع الإنجاز التاريخي للمنتخب الوطني في مونديال التشيلي 2025، نما لديه إحساس أكبر بالمسؤولية. رأى أن الحلم الذي يسكن كل طفل مغربي—أن يصبح لاعب كرة قدم—يحتاج إلى من يقدّم له صورة واقعية، بعيدة عن المثالية، قريبة من الحياة اليومية. فاختار أن يفتح الكاميرا على يوم كامل من حياة اللاعب ياسر الزبيري، ليكشف أدق تفاصيل روتينه، تدريباته، انضباطه، وتضحياته التي لا يراها الجمهور.

كانت الرسالة واضحة: النجاح ليس وليد صدفة، ولا حكراً على “المحظوظين”، بل طريق طويل قد يسلكه أي شاب إذا امتلك الإيمان والصبر والاستمرارية.

وهكذا تحولت قناة “farouk life” إلى مساحة يعثر فيها الشباب على شيء من ذواتهم. يكتشفون أن الفنانين واللاعبين والمبدعين الذين يبدون في نظرهم “أسطورة” هم في الواقع بشر مثلهم، بدؤوا من الصفر، وعانوا، وحلموا، لكنهم لم يستسلموا.

الجميل في تجربة فاروق ليس ما حققه من أرقام، بل ما خلقه من أثر. فهو لا يلهث خلف “الترند”، بل خلف القصص التي تُعيد للشباب ثقتهم بأنفسهم. يفتح نافذة على نماذج مغربية حقيقية، يسلّط الضوء على إنجازاتها، ويحوّلها إلى دليل حيّ على أن النجاح ممكن.. وأن الطريق إليه يبدأ بخطوة واحدة.

خطوة تشبه تلك التي خطاها قبل ثلاث سنوات، حين قبل تحدياً بسيطاً مع صديق، فكانت نقطة التحول التي جعلت منه اليوم واحداً من أبرز الوجوه التي تبث الأمل وسط جيل يعيش صراعاً يومياً بين الحلم والواقع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى